للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي الْآيَةِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّقْدِيرَ: أَخْبِرُونِي لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَاحْفَظُوهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُطَابِقًا لِسِيَاقِ الْآيَةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ رَأْسَ) وَلِلْأَصِيلِيِّ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ أَيْ عِنْدَ انْتِهَاءِ مِائَةِ سَنَةٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ تَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الزَّمَانِ كَقَوْلِ الْكُوفِيِّينَ، وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ نُحَاةُ الْبَصْرَةِ، وَأَوَّلُوا مَا وَرَدَ مِنْ شَوَاهِدِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ وَقَوْلِ أَنَسٍ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَقَوْلُهُ: مُطِرْنَا مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ) أَيِ الْآنَ مَوْجُودًا أَحَدٌ إِذْ ذَاكَ، وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا التَّقْدِيرُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّلَاةِ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ تَخْتَرِمُ الْجِيلَ الَّذِي هُمْ فِيهِ، فَوَعَظَهُمْ بِقِصَرِ أَعْمَارِهِمْ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ أَعْمَارَهُمْ لَيْسَتْ كَأَعْمَارِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ لِيَجْتَهِدُوا فِي الْعِبَادَةِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَعِيشُ بَعْدَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ، سَوَاءً قَلَّ عُمْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ حَيَاةِ أَحَدٍ يُولَدُ بَعْدَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِائَةَ سَنَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١١٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ ، وَكَانَ النَّبِيُّ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: نَامَ الْغُلَيِّمُ - أَوْ: كَلِمَةً تُشْبِهُهَا - ثُمَّ قَامَ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ: خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ.

[الحديث ١١٧ - أطرافه في ٧٤٥٢، ٦٣١٦، ٦٢١٥، ٥٩١٩، ٤٥٧٢، ٤٥٧١، ٤٥٧٠، ٤٥٦٩، ١١٩٨، ٩٩٢٤، ٨٩٥، ٧٢٨، ٧٣٦، ٦٩٩، ٦٩٨، ٦٩٧، ١٨٣، ١٣٨]

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ بِالْمُثَنَّاةِ تَصْغِيرُ عُتْبَةَ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ جَاءَ) أَيْ: مِنَ الْمَسْجِدِ.

قَوْلُهُ: (نَامَ الْغُلَيِّمُ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ مِنْ تَصْغِيرِ الشَّفَقَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِخْبَارًا مِنْهُ بِنَوْمِهِ، أَوِ اسْتِفْهَامًا بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْوَاقِعُ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: يَا أُمَّ الْغُلَيِّمِ بِالنِّدَاءِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، لَمْ تَثْبُتْ بِهِ رِوَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَلِمَةٌ) بِالشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي، وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ الْجُمْلَةُ أَوِ الْمُفْرَدَةُ، فَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى نَامَ الْغُلَامُ.

قَوْلُهُ: (غَطِيطَهُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ صَوْتُ نَفَسِ النَّائِمِ، وَالنَّخِيرُ أَقْوَى مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ خَطِيطَهُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالشَّكُّ فِيهِ مِنَ الرَّاوِي، وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ، قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَمْ أَجِدْهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ. وَتَبِعَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ: هُوَ هُنَا وَهْمٌ، انْتَهَى. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْأَثِيرِ عَنْ أَهْلِ الْغَرِيبِ أَنَّهُ دُونَ الْغَطِيطِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) أَيْ: رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: إِنَّمَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخَمْسِ وَلَمْ يَقُلْ: سَبْعَ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ اقْتَدَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الرَّكْعَتَيْنِ، أَوْ لِأَنَّ الْخَمْسَ بِسَلَامٍ وَالرَّكْعَتَيْنِ بِسَلَامٍ آخَرَ. انْتَهَى، وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، لَكِنَّ حَمْلَهُمَا عَلَى سُنَّةِ الْفَجْرِ أَوْلَى لِيَحْصُلَ الْخَتْمُ بِالْوَتْرِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ الْوَتْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ؛ لِقَوْلِهِ فِيهِ: قَامَ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: صَلَّى الْعِشَاءَ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ