٦٧٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَّا الَّذِي قال رسول الله ﷺ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ" - أَوْ قَالَ - خَيْرٌ فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ أَبًا أَوْ قَالَ قَضَاهُ - أَبًا
قَوْلُهُ: (بَابٌ مِيرَاثُ الْجَدِّ مَعَ الْأَبِ وَالْإِخْوَةِ) الْمُرَادُ بِالْجَدِّ هُنَا مَنْ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَمِنَ الْأَبِ، وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ لَا يَرِثُ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ: الْجَدُّ أَبٌ) أَيْ هُوَ أَبٌ حَقِيقَةً لَكِنْ تَتَفَاوَتْ مَرَاتِبُهُ بِحَسَبِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي الْحُرْمَةِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ، وَالْمَعْرُوفُ عَنِ الْمَذْكُورِينَ الْأَوَّلُ، قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ لَهُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ كَانُوا يَجْعَلُونَ الْجَدَّ أَبًا يَرِثُ مَا يَرِثُ وَيَحْجُبُ مَا يَحْجُبُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ ضَعِيفٌ، وَالشَّعْبِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُنْقَطِعُ، وَقَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، وَإِذَا حُمِلَ مَا نَقَلَهُ الشَّعْبِيُّ عَلَى الْعُمُومِ لَزِمَ مِنْهُ خِلَافُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ وَهِيَ أُمُّ الْأَبِ إِذَا عَلَتْ تَسْقُطُ بِالْأَبِ وَلَا تَسْقُطُ بِالْجَدِّ، وَاخْتُلِفَ فِي صُورَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا أَنَّ بَنِي الْعَلَّاتِ وَالْأَعْيَانِ يَسْقُطُونَ بِالْأَبِ وَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ إِلَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ، وَالْأُمُّ مَعَ الْأَبِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ تَأْخُذُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَمَعَ الْجَدِّ تَأْخُذُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ إِلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَقَالَ: هُوَ كَالْأَبِ، وَفِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ فِيهَا اخْتِلَافٌ أَيْضًا.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ الصِّدِّيقُ فَوَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا، وَبِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي مُوسَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مِثْلُهُ، وَبِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَيْضًا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْعَلُ الْجَدَّ أَبًا، وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ أَبٌ وَبِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْعَلُ الْجَدَّ أَبًا، وَقَدْ أَسْنَدَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَنْزَلَهُ أَبًا، وَكَذَا مَضَى فِي الْمَنَاقِبِ مَوْصُولًا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَنْزَلَهُ أَبًا، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْجَدُّ أَبٌ، وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا، وَأَخْرَجَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ عُثْمَانَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَجْعَلَانِ الْجَدَّ أَبًا.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ: فَتَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ فَقَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَنْزَلَهُ أَبًا، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَفْتَاهُمْ بِمِثْلِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخْرَجَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فَأَتَاهُ كَتْبُ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا.
قَوْلُهُ: (وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا بَنِي آدَمَ - وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) أَمَّا احْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ﴾ فَوَصَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ فِي الْجَدِّ؟ قَالَ: أَيُّ أَبٍ لَكَ أَكْبَرُ؟ فَسَكَتَ، وَكَأَنَّهُ عَيِيَ عَنْ جَوَابِهِ، فَقُلْتُ أَنَا: آدَمُ، فَقَالَ: أَفَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ﴾ أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي﴾ فَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْجَدُّ أَبٌ، وَقَرَأَ: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي﴾ الْآيَةَ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﷺ: أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ ابْنِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُذْكَرْ) هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute