للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْإِخْوَةِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ السُّدُسُ خَيْرًا لَهُ مِنْ مُقَاسَمَةِ الْإِخْوَةِ، وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِثْلَهُ سَوَاءً وَزَادَ: ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مَا أَرَانَا إِلَّا قَدْ أَجْحَفْنَا بِالْجَدِّ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَقَاسِمْ بِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ مِنْ مُقَاسَمَتِهِمْ، فَأَخَذَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ.

وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ يُعْطَى الْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ الثُّلُثَ، وَكَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِ السُّدُسَ، ثُمَّ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّا نَخَافُ أَنْ نَكُونَ قَدْ أَجْحَفْنَا بِالْجَدِّ فَأَعْطِهِ الثُّلُثَ، ثُمَّ قَدِمَ عَلِيٌّ هَا هُنَا - يَعْنِي الْكُوفَةَ - فَأَعْطَاهُ السُّدُسَ، قَالَ عُبَيْدَةُ فَرَأْيُهُمَا فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَأَيِ أَحَدِهِمَا فِي الْفُرْقَةِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُعْطِي الْجَدَّ الثُّلُثَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى السُّدُسِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يُعْطِيهِ السُّدُسَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الثُّلُثِ.

وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَأَخْرُجَ الدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: كَانَ زَيْدٌ يُشْرِكُ الْجَدَّ مَعَ الْإِخْوَةِ إِلَى الثُّلُثِ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: أَخَذَ أَبُو الزِّنَادِ هَذِهِ الرِّسَالَةَ مِنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمِنْ كُبَرَاءِ آلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَانَ رَأْيِي أَنَّ الْإِخْوَةَ أَوْلَى بِمِيرَاثِ أَخِيهِمْ مِنَ الْجَدِّ، وَكَانَ عُمَرُ يَرَى أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى بِمِيرَاثِ ابْنِ ابْنِهِ مِنْ إِخْوَتِهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَأْيِي أَنَّ الْإِخْوَةَ أَحَقُّ بِمِيرَاثِ أَخِيهِمْ مِنَ الْجَدِّ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - يَعْنِي عُمَرَ - يُعْطِيهِمْ بِالْوَجْهِ الَّذِي يَرَاهُ عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ الْإِخْوَةِ وَقِلَّتِهِمْ.

قُلْتُ: فَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ زَيْدٍ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُشْرِكُ الْجَدَّ مَعَ الْإِخْوَةِ إِلَى الثُّلُثِ فَإِذَا بَلَغَ الثُّلُثَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَالْإِخْوَةَ مَا بَقِيَ وَيُقَاسِمُ الْأَخَ لِلْأَبِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى أَخِيهِ وَيُقَاسِمُ بِالْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَلَا يُورِثُ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ شَيْئًا وَلَا يُعْطِي أَخًا لِأُمٍّ مَعَ الْجَدِّ شَيْئًا.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَفَرَّدَ زَيْدٌ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ فِي مُعَادَلَتِهِ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ بِالْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ، وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأَبِ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِهِمْ مَعَهُمْ ; لِأَنَّهُ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ، وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِكَ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى قَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْجَدِّ إِنْ كَانَ مَعَهُ إِخْوَةٌ أَشِقَّاءُ قَاسَمَهُمْ مَا دَامَتِ الْمُقَاسَمَةُ خَيْرًا لَهُ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَلَا تَرِثُ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأَبِ مَعَ الْجَدِّ شَيْئًا وَلَا بَنُو الْإِخْوَةِ وَلَوْ كَانُوا أَشِقَّاءَ، وَإِذَا كَانَ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ بَدَأَ بِهِمْ ثُمَّ أَعْطَى الْجَدَّ خَيْرَ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ، وَمِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ، وَمِنَ السُّدُسِ وَلَا يَنْقُصُهُ مِنَ السُّدُسِ إِلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ.

قَالَ: وَرَوَى هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ وَقَفَ فِي الْجَدِّ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَأْخُذُ فِي الْجَدِّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَوَاحِدِ الْإِخْوَةِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَحَظَّ لَهُ أَخَذَهُ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ بَعْدَهُ الْأَحَظُّ مِنْ مُقَاسَمَةٍ كَأَخٍ أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ سُدُسُ الْجَمِيعِ.

وَالْأَكْدَرِيَّةُ الْمُشَارِ إِلَيْهَا تُسَمَّى مُرَبَّعَةَ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي قَسْمِهَا وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ:

مَا فَرْضُ أَرْبَعَةٍ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ … مِيرَاثُ مَيِّتِهِمْ بِفَرْضٍ وَاقِعِ

فَلِوَاحِدٍ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَثُلُثُ … مَا يَبْقَى لِثَانِيهِمْ بِحُكْمٍ جَامِعِ