للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَكِنْ لَا يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا إِلَّا إِذَا كَانَا غَالِبَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَالِبًا فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْحَادِيَ عَشَرَ.

الثَّانِيَ عَشَرَ: رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ عَرَضٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ، وَعَمْرَةَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ إِسْحَاقَ، وَعَنْ دَاوُدَ، وَنَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عُمَرَ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَخَذَ السَّارِقُ رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ، وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرَةَ: أُتِيَ عُثْمَانُ بِسَارِقٍ سَرَقَ أُتْرُجَّةً قُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ حِسَابِ الدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَقُطِعَ، وَمِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا.

الثَّالِثَ عَشَرَ: أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ؛ نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ.

الرَّابِعَ عَشَرَ: ثُلُثُ دِينَارٍ؛ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، الْخَامِسَ عَشَرَ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ؛ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ، وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَا تُقْطَعُ الْخَمْسُ إِلَّا فِي خَمْسٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ مِثْلَهُ، وَنَقَلَهُ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ، عَنْ مَالِكٍ وَشَذَّ بِذَلِكَ.

السَّادِسَ عَشَرَ: عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا بَلَغَ قِيمَتَهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ عَرَضٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا.

السَّابِعَ عَشَرَ: دِينَارٌ أَوْ مَا بَلَغَ قِيمَتَهُ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ عَرَضٍ. حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ طَائِفَةٍ، وَجَزَمَ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِأَنَّهُ قَوْلُ النَّخَعِيِّ.

الثَّامِنَ عَشَرَ: دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا؛ حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ أَيْضًا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ قَالَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ.

التَّاسِعَ عَشَرَ: رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا مِنَ الذَّهَبِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَيُقْطَعُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ، وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ نَحْوَهُ عَنْ دَاوُدَ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ التَّحْدِيدَ فِي الذَّهَبِ ثَبَتَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَمْ يَثْبُتِ التَّحْدِيدُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ، فَبَقِيَ عُمُومُ الْآيَةِ عَلَى حَالِهِ فَيُقْطَعُ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ إِلَّا إِذَا كَانَ الشَّيْءُ تَافِهًا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلشَّافِعِيِّ إِلَّا فِي قِيَاسِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَقَدْ أَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّرْفَ يَوْمئِذٍ كَانَ مُوَافِقًا لِذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْفِضَّةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَتَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ الْأُتْرُجَّةِ قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ، وَيُخَرَّجُ مِنْ تَفْصِيلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ التَّقْوِيمَ يَكُونُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إِنْ ذَهَبًا فَبِالذَّهَبِ وَإِنْ فِضَّةً فَبِالْفِضَّةِ تَمَامَ الْعِشْرِينَ مَذْهَبًا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.

وَثَبَتَ: لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَأَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِلنَّصِّ الصَّرِيحِ فِي الْقَطْعِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ، وَإِنَّمَا تُرِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ نِصَابٌ يُقْطَعُ فِيهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ قِيمَةَ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ تَخْتَلِفُ، فَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ بِالذَّهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ قَطْعِ السَّارِقِ وَلَوْ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ حِرْزٍ، وَهُوَ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَأَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا: الْعَامُّ إِذَا خُصَّ مِنْهُ شَيْءٌ بِدَلِيلٍ بَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى عُمُومِهِ، وَحُجَّتُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَفْظُهُ يُنْبِئُ عَمَّا ثَبَتَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ أَمْ لَا، لِأَنَّ آيَةَ السَّرِقَةِ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ سَرَقَ، فَخَصَّ الْجُمْهُورُ مِنْهَا مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَقَالُوا: لَا يُقْطَعُ.

وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُنْبِئُ عَنِ اشْتِرَاطِ الْحِرْزِ وَطَرَدَ الْبَصْرِيُّ أَصْلَهُ فِي الِاشْتِرَاطِ الْمَذْكُورِ فَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحِرْزَ لِيَسْتَمِرَّ الِاحْتِجَاجُ بِالْآيَةِ، نَعَمْ وَزَعَمَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ شَرْطَ الْحِرْزِ مَأْخُوذٌ مِنْ مَعْنَى السَّرِقَةِ فَإِنْ صَحَّ مَا قَالَ سَقَطَتْ حُجَّةُ الْبَصْرِيِّ أَصْلًا، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ آيَةَ السَّرِقَةِ نَزَلَتْ فِي سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ أَوْ سَارِقِ الْمِجَنِّ وَعَمِلَ بِهَا الصَّحَابَةُ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ السَّارِقِينَ، وَاسْتُدِلَّ