للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَمَّا قَبْلَ الزِّنَا فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا وَلَوْ أَقَامَ مَعَهَا مَا أَقَامَ، وَاخْتَلَفَا إِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ أَمَةً هَلْ تُحْصِنُهُ؟ فَقَالَ الْأَكْثَرُ: نَعَمْ، وَعَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ: لَا. وَاخْتَلَفُوا إِذَا تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَطَاوُسٌ، وَالشُّعَبِيُّ: لَا تُحْصِنُهُ، وَعَنِ الْحَسَنِ: لَا تُحْصِنُهُ حَتَّى يَطَأَهَا فِي الْإِسْلَامِ، أَخْرَجَهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ تُحْصِنُهُ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.

وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَأَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَنَ إِذَا زَنَى عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ، وَدَفَعَ ذَلِكَ الْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الرَّجْمَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ لَقِيَهُمْ وَهُمْ مِنْ بَقَايَا الْخَوَارِجِ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ رَجَمَ وَكَذَلِكَ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ، وَلِذَلِكَ أَشَارَ عَلِيٌّ بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ: وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ .

وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الرَّجْمُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ آيَةُ الرَّجْمِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ) هُوَ الْبَصْرِيُّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَقَالَ مَنْصُورٌ بَدَلَ الْحَسَنِ وَزَيَّفُوهُ.

قَوْلُهُ: (مَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ فَحَدُّهُ حَدُّ الزَّانِي) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الزِّنَا وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ سَأَلْتُ عُمَرَ: مَا كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ مَحْرَمٍ وَهُوَ يَعْلَمُ؟ قَالَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ التَّابِعِيُّ الْمَشْهُورُ فِيمَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ قَالَ: تُضْرَبُ عُنُقُهُ.

وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الزِّنَا بِمَحْرَمٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ.

وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى ضَعْفِ الْخَبَرِ الَّذِي وَرَدَ فِي قَتْلِ مَنْ زَنَى بِذَاتِ مَحْرَمٍ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِرَجُلٍ قَدِ اغْتَصَبَ أُخْتَهُ عَلَى نَفْسِهَا، فَقَالَ: سَلُوا مَنْ هُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُطَرِّفِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: مَنْ تَخَطَّى الْحُرْمَتَيْنِ فَخُطُّوا وَسَطَهُ بِالسَّيْفِ، فَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ بِمِثْلِهِ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ وَنَقَلَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَوَى عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ مِنْ قَوْلِهِ، قَالَ: وَلَا أَدْرِي أَهُوَ هَذَا أَوْ لَا يُشِيرُ إِلَى تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي غَلِطَ فِي قَوْلِهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطَرِّفٍ، وَفِي قَوْلِهِ: سَمِعْتُ. وَإِنَّمَا هُوَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَا صُحْبَةَ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّاوِيَ غَلِطَ فِيهِ، وَأَثَرُ مُطَرِّفٍ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو حَاتِمٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمِزِّيِّ قَالَ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِرَجُلٍ قَدْ وَقَعَ عَلَى ابْنَتِهِ وَعِنْدَهُ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَأَبُو بُرْدَةَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.

قُلْتُ: وَالرَّاوِي عَنْ صَالِحِ بْنِ رَاشِدٍ ضَعِيفٌ وَهُوَ رِفْدَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، وَيُوَضِّحُ ضَعْفَهُ قَوْلُهُ: فَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْحَجَّاجُ الْإِمَارَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ، وَلَكِنْ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهَا الطَّحَاوِيُّ وَضَعَّفَ رَاوِيَهَا، وَأَشْهَرُ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ: لَقِيتُ خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَةُ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنِ اضْرِبْ عُنُقَهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَفِي سَنَدِهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَدْ قَالَ بِظَاهِرِهِ أَحْمَدُ. وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ بِقَرِينَةِ الْأَمْرِ بِأَخْذِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ: الحديث الأول.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ) فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، عَنْ شُعْبَةَ: عَنْ سَلَمَةَ، وَمُجَالِدٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ