السِّيَاقِ أَنَّ الْقَائِلَ هُوَ الثَّانِي، وَجَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْقَائِلَ هُوَ الْأَوَّلُ، وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ لِمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عَنْ آدَمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ هُنَا فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ إِنَّ ابْنِي بَعْدَ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، وَفِيهِ: فَقَالَ خَصْمُهُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ شَاذَّةٌ وَالْمَحْفُوظُ مَا فِي سَائِرِ الطُّرُقِ كَمَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَكَذَا وَقَعَ فِي الشُّرُوطِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مُوَافِقًا لِلْجَمَاعَةِ وَلَفْظُهُ: فَقَالَ صَدَقَ، اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي إِلَخْ، فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَقَدْ وَافَقَ آدَمَ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَوَافَقَ عَاصِمًا، يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا) فِيهِ أَنَّ الِابْنَ كَانَ حَاضِرًا فَأَشَارَ إِلَيْهِ، وَخَلَا مُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْ هَذِهِ الْإِشَارَةِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا) هَذِهِ الْإِشَارَةُ الثَّانِيَةُ لِخَصْمِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ، زَادَ شُعَيْبٌ فِي رِوَايَتِهِ: وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ، وَكَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ كَثِيرًا مِنَ التَّفْسِيرِ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِي فِي الْمُدْرَجِ، وَقَدْ فَصَّلَهُ مَالِكٌ فَوَقَعَ فِي سِيَاقِهِ، كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ وَحَذَفَهَا سَائِرُ الرُّوَاةِ.
وَالْعَسِيفُ - بِمُهْمَلَتَيْنِ - الْأَجِيرُ، وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ، وَالْجَمْعُ عُسَفَاءُ كَأُجَرَاءَ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْخَادِمِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى السَّائِلِ، وَقِيلَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ يُسْتَهَانُ بِهِ، وَفَسَّرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ بِالْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ، وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِطْلَاقُهُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ فِي ابْتِدَاءِ الِاسْتِئْجَارِ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ تَعْيِينُ كَوْنِهِ أَجِيرًا، وَلَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: كَانَ ابْنِي أَجِيرًا لِامْرَأَتِهِ، وَسُمِّيَ الْأَجِيرُ عَسِيفًا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَعْسِفُهُ فِي الْعَمَلِ وَالْعَسْفُ الْجَوْرُ، أَوْ هُوَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ لِكَوْنِهِ يَعْسِفُ الْأَرْضَ بِالتَّرَدُّدِ فِيهَا، يُقَالُ: عَسَفَ اللَّيْلَ عَسْفًا إِذَا أَكْثَرَ السَّيْرَ فِيهِ، وَيُطْلَقُ الْعَسْفُ أَيْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ، وَالْأَجِيرُ يَكْفِي الْمُسْتَأْجِرَ الْأَمْرَ الَّذِي أَقَامَهُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى هَذَا) ضَمَّنَ عَلَى مَعْنَى عِنْدَ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ: عَسِيفًا فِي أَهْلِ هَذَا وَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَخْدَمَهُ فِيمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْأُمُورِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَا وَقَعَ لَهُ مَعَهَا.
قَوْلُهُ: (فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ) زَادَ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ: فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ، وَقَدْ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ رِوَايَةً فِي آخِرِهِ هُنَا أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَشُكُّ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَرُبَّمَا تَرَكَهَا، وَغَالِبُ الرُّوَاةِ عَنْهُ كَأَحْمَدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَثَبَتَتْ عِنْدَ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَشُعَيْبٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ آدَمَ: فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ.
وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فَأُخْبِرْتُ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ: فَقَالَ لِي بِالْإِفْرَادِ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَإِنْ ثَبَتَتْ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ لِخَصْمِهِ، وَكَأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ، وَهَذَا ظَنٌّ بَاطِلٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: فَسَأَلْتُ مَنْ لَا يَعْلَمُ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ) الْمُرَادُ بِالْخَادِمِ الْجَارِيَةُ الْمُعَدَّةُ لِلْخِدْمَةِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ بِلَفْظِ: وَجَارِيَةٍ لِي، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَشُعَيْبٍ: بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْوَلِيدَةِ فِي أَوَاخِرِ الْفَرَائِضِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي) لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى اسْمِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا الِابْنِ وَلَا الْمَرْأَةِ، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَشُعَيْبٍ: ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي، وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لَكِنْ قَالَ: فَزَعَمُوا، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَهْلُ الْعِلْمِ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: ثُمَّ سَأَلْتُ مَنْ يَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ عَلَى ابْنِي) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: إِنَّمَا عَلَى ابْنِي.
قَوْلُهُ: (جَلْدُ مِائَةٍ) بِالْإِضَافَةِ لِلْأَكْثَرِ، وَقَرَأَهُ