فَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ، قُلْتُ: وَالَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قُلْتُ: هَلْ رَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً، وَسِيَاقُ أَحْمَدَ مُخْتَصَرٌ.
قَوْلُهُ: (أَقَبْلَ النُّورِ؟) أَيْ سُورَةُ النُّورِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَبْلِيَّةِ النُّزُولُ.
قَوْلُهُ (أَمْ بَعْدُ)؟ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَمْ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (لَا أَدْرِي) فِيهِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ الْجَلِيلَ قَدْ تَخْفَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْأُمُورِ الْوَاضِحَةِ، وَأَنَّ الْجَوَابَ مِنَ الْفَاضِلِ بِلَا أَدْرِي لَا عَيْبَ عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى تَحَرِّيهِ وَتَثَبُّتِهِ فَيُمْدَحُ بِهِ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ) قُلْتُ: وَصَلَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِلَفْظِ: قُلْتُ بَعْدَ سُورَةِ النُّورِ.
قَوْلُهُ: (وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ الطَّحَّانُ وَهِيَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ رَجْمِ الْمُحْصَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُحَارِبِيُّ) يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيَّ.
قَوْلُهُ: (وَعَبِيدَةُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَأَبُوهُ حُمَيْدٌ بِالتَّصْغِيرِ، وَمُتَابَعَتُهُ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ مَنِيعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَجَرِيرٌ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ -، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَلَفْظُهُ: قُلْتُ قَبْلَ النُّورِ أَوْ بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ عَبِيَدَةُ، فَإِنَّ لَفْظَهُ فِي مُستنَدِ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: فَقُلْتُ بَعْدَ سُورَةِ الْمَائِدَةِ أَوْ قَبْلَهَا؟ كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا قَبْلُ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) أَيْ فِي ذِكْرِ النُّورِ.
قُلْتُ: وَلَعَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ تَوَهَّمَ مِنْ ذِكْرِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ سُورَةُ الْمَائِدَةِ لِأَنَّ فِيهَا الْآيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ بِسَبَبِ سُؤَالِ الْيَهُودِ عَنْ حُكْمِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا مِنْهُمْ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: (عَنْ نَافِعٍ) فِي مُوَطَّأ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَحْدَهُ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُوَطَّآتِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا) ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ، عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ (١) أَنَّ اسْمَ الْمَرْأَةِ بُسْرَةُ - بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ - وَلَمْ يُسَمِّ الرَّجُلَ.
وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ مِمَّنْ تَبِعَ الْعِلْمَ - وَكَانَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ - يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَنَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ بِامْرَأَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ فَإِنَّهُ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ، فَإِنْ أَفْتَانَا بِفُتْيَا دُونَ الرَّجْمِ قَبِلْنَاهَا وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَقُلْنَا: فُتْيَا نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِكَ. قَالَ: فَأَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا مِنْهُمْ … .
وَنَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، عَنِ الطَّبَرِيِّ، وَالثَّعْلَبِيِّ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: انْطَلَقَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَكَعْبُ بْنُ أَسَدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ، وَكِنَانَةُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَشَاسُ بْنُ قَيْسٍ، وَيُوسُفُ ابْنُ عَازُورَاءَ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ ﷺ وَكَانَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ خَيْبَرَ زَنَيَا، وَاسْمُ الْمَرْأَةِ بُسْرَةُ، وَكَانَتْ خَيْبَرُ حِينَئِذٍ حَرْبًا فَقَالَ لَهُمُ: اسْأَلُوهُ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: اجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ ابْنَ صُورِيَّا فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُطَوَّلَةً.
وَلَفْظُ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ: إِنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ، وَقَدْ زَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْدَ إِحْصَانِهِ بِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ قَدْ أُحْصِنَتْ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهَا: فَقَالَ اخْرُجُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صُورِيَّا الْأَعْوَرِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَيُقَالُ إِنَّهُمْ أَخْرَجُوا مَعَهُ أَبَا يَاسِرِ بْنَ أَحْطَبَ، وَوَهْبَ بْنَ يَهُودَا، فَخَلَا النَّبِيُّ ﷺ، بِابْنِ صُورِيَّا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا، فَدَعَاهُمْ فَقَالَ: هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ.
وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ فِيهِ أَنَّهُمُ ابْتَدَءُوا السُّؤَالَ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ، وَفِي هَذَا أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْحَدَّ قَبْلَ السُّؤَالِ.
(١) في نسخة عن ابن العمري