قَوْلُهُ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا، الْآيَةَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ وَهْمٌ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ﴾ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ فِي إِيرَادِهَا هُنَا تَكْرَارٌ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِاللِّعَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا بَابُ مَنْ رَمَى امْرَأَتَهُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ) هُوَ ابْنُ بِلَالٍ وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: حَدَّثَنَا، وَأَبُو الْغَيْثِ هُوَ سَالِمٌ.
قَوْلُه (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) بِمُوَحَّدَةٍ وَقَافٍ: أَيِ الْمُهْلِكَاتِ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِإِهْلَاكِ مُرْتَكِبِهَا.
قُلْتُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُوبِقَةِ هُنَا الْكَبِيرَةُ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: الْكَبَائِرُ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ. . الْحَدِيثَ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي الْغَيْثِ، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ بَدَلَ السِّحْرِ الِانْتِقَالَ إِلَى الْأَعْرَابِيَّةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ صُهَيْبٍ مَوْلَى الْعَتْوَارِيِّينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الْحَدِيثَ.
وَلَكِنْ لَمْ يُفَسِّرْهَا، وَالْمُعْتَمَدُ فِي تَفْسِيرِهَا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ، وَقَدْ وَافَقَهُ كِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كِتَابَ الْفَرَائِضِ وَالدِّيَاتِ وَالسُّنَنِ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى الْيَمَنِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: وَكَانَ فِي الْكِتَابِ: وَإِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ سَالِمٍ سَوَاءً.
وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: اجْتَنَبِ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ فَذَكَرَهَا، لَكِنْ ذَكَرَ التَّعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بَدَلَ السِّحْرِ وَلَهُ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ، وَقَالَ: الرُّجُوعُ إِلَى الْأَعْرَابِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَلِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرُوا؛ مَنْ صَلَّى الْخَمْسَ وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَقِيلَ لَهُ: أَسَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَذْكُرُهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عَلِيٍّ سَوَاءً.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْأُصُولِ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ بَدَلَ السِّحْرِ، وَلِابْنِ عَمْرٍو فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَد وَالطَّبَرِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْخَرَائِطِيُّ فِي مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا قَالَ: الْكَبَائِرُ تِسْعٌ فَذَكَرَ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَزَادَ: الْإِلْحَادُ فِي الْحَرَمِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ الْمُصَلُّونَ وَمَنْ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ، قَالُوا: مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: هُنَّ تِسْعٌ، أَعْظَمُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الْإِلْحَادِ فِي الْحَرَمِ بِاسْتِحْلَالِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَأَخْرَجَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: هُنَّ عَشْرٌ فَذَكَرَ السَّبْعَةَ الَّتِي فِي الْأَصْلِ وَزَادَ: وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ.
وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْكَبَائِرُ فَذَكَرَ التِّسْعَةَ إِلَّا مَالَ الْيَتِيمِ، وَزَادَ الْعُقُوقَ وَالتَّغَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَفِرَاقَ الْجَمَاعَةِ وَنَكْثَ الصَّفْقَةِ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا الْكَبَائِرَ فَقَالُوا: الشِّرْكُ وَمَالُ الْيَتِيمِ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَالسِّحْرُ وَالْعُقُوقُ وَقَوْلُ الزُّورِ وَالْغُلُولُ وَالزِّنَا (١)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا.
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ عَدُّ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَكَذَا شَهَادَةِ الزُّورِ وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَعِنْدَ
(١) في نسخة "والربا"