للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْعَكْسِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قِصَّةً أُخْرَى قَضَى فِيهَا مُعَاوِيَةُ بِالْقَسَامَةِ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِالْقَتْلِ، وَقِصَّةً أُخْرَى لِمَرْوَانَ قَضَى فِيهَا بِالْقَتْلِ، وَقَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِمِثْلِ قَضَاءِ أَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَخْ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ قَالَ: كَتَبَ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ فِي سُوقِ الْبَصْرَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنَّ مِنَ الْقَضَايَا مَا لَا يُقْضَى فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ لَمِنْهُنَّ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قُشَيْرٍ، وَعَائِشٍ فَكَتَبَ فِيهِ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَهَذَا أَثَرٌ صَحِيحٌ، وَعَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَهُوَ فَزَارِيٌّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ.

قَوْلُهُ فِي الْأَثَرِ الْمُعَلَّقِ (وَكَانَ أَمَّرَهُ) بِالتَّشْدِيدِ (عَلَى الْبَصْرَةِ).

قُلْتُ: كَانَتْ وِلَايَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، لِعَدِيٍّ عَلَى إِمْرَةِ الْبَصْرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، وَذَكَرَ خَلِيفَةُ أَنَّهُ قُتِلَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَمِائَةٍ. وَقَوْلُهُ: مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِينَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ السَّمْنَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ كَمَا اخْتُلِفَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ فِي مُصَنَّفِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ فِي إِمْرَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ.

قُلْتُ: وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى بِذَلِكَ لَمَّا كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ رَجَعَ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ، وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ قِصَّةِ أَبِي قِلَابَةَ حَيْثُ احْتَجَّ عَلَى عَدَمِ الْقَوَدِ بِهَا، فَكَأَنَّهُ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي أُرِيدَ أَنْ أَدَعَ الْقَسَامَةَ، يَأْتِي رَجُلٌ مِنْ أَرْضِ كَذَا وَآخَرُ مِنْ أَرْضِ كَذَا فَيَحْلِفُونَ عَلَى مَا لَا يَرَوْنَ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ إِنْ تَتْرُكْهَا يُوشِكْ أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ عِنْدَ بَابِكَ فَيَبْطُلُ دَمُهُ، وَإِنَّ لِلنَّاسِ فِي الْقَسَامَةِ لَحَيَاةً، وَسَبَقَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى إِنْكَارِ الْقَسَامَةِ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَالَقَوْمٍ يَحْلِفُونَ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَرَوْهُ وَلَمْ يَحْضُرُوهُ، وَلَوْ كَانَ لِي أَمْرٌ لَعَاقَبْتُهُمْ وَلَجَعَلْتُهُمْ نَكَالًا وَلَمْ أَقْبَلْ لَهُمْ شَهَادَةً وَهَذَا يَقْدَحُ فِي نَقْلِ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ فَإِنَّ سَالِمًا مِنْ أَجَلِّ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَا يُقَادُ بِهَا، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: الْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ جَوْرٌ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْقَسَامَةَ شَيْئًا.

وَمُحَصَّلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَسَامَةِ هَلْ يُعْمَلُ بِهَا أَوْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ تُوجِبُ الْقَوَدَ أَوِ الدِّيَةَ، وَهَلْ يُبْدَأُ بِالْمُدَّعِينَ أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ؟ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي شَرْطِهَا.

قَوْلُهُ: (سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ) هُوَ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ يُكْنَى أَبَا هُذَيْلٍ، رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَكَابِرِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الرَّاوِي عَنْهُ هُنَا هُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ وَآخَرُونَ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ شُعْبَةُ يَتَمَنَّى لِقَاءَهُ، وَفِي طَبَقَتِهِ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْهُنَائِيُّ بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ وَهَمْزٍ وَمَدٍّ بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ أَخْرَجَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ بُشَيْرٍ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرٌ ابْنُ يَسَارٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ لَا أَعْرِفُ اسْمَ جَدِّهِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ الْأَنْصَارِيُّ.

قُلْتُ: وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي حَارِثَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا فَقِيهًا أَدْرَكَ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ وَكَنَّاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ أَبَا كَيْسَانَ.

قَوْلُهُ: (زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ، وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ زَعَمَ بَلْ عِنْدَهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، وَكَذَا لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ، وَاسْمُ أَبِي حَثْمَةَ عَامِرُ بْنُ سَاعِدَةَ بْنِ عَامِرٍ وَيُقَالُ