للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَقَالُوا هِيَ قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ وَلَا تَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لَهُ وَالْمُرَادُ الْأُمَّةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الحديث الثالث حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي ذِكْرِ الْكَبَائِرِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ.

قَوْلُهُ: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ) السَّائِلُ عَنْ ذَلِكَ قَدْ بَيَّنْتُهُ عِنْدَ شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِي أَوَّلِ السَّنَدِ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ إِشْكَابَ أَخُو عَلِيٍّ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ الْبُخَارِيِّ، وَلَكِنَّهُ سَمِعَ قَبْلَهُ قَلِيلًا وَمَاتَ بَعْدَهُ.

وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى شَيْخُهُ هُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ الْمَشْهُورِينَ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَأَقْرَبُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الدِّيَاتِ فِي بَابِ جَنِينِ الْمَرْأَةِ وَرُبَّمَا رَوَى عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ كَهَذَا.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:

قَوْلُهُ: (سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (قَالَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ظَاهِرُهُ خِلَافُ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ قَالَ: وَوَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا مَضَى، فَإِنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ غَايَةَ الْإِسَاءَةِ وَرَكِبَ أَشَدَّ الْمَعَاصِي وَهُوَ مُسْتَمِرُّ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُؤَاخَذُ بِمَا جَنَاهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَيُبَكَّتُ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْكُفْرِ كَأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فَعَلْتَ كَذَا وَأَنْتَ كَافِرٌ فَهَلَّا مَنَعَكَ إِسْلَامُكَ عَنْ مُعَاوَدَةِ مِثْلِهِ؟ انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَوَّلَ الْمُؤَاخَذَةَ فِي الْأَوَّلِ بِالتَّبْكِيتِ وَفِي الْآخِرِ بِالْعُقُوبَةِ، وَالْأَوْلَى قَوْلُ غَيْرِهِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسَاءَةِ الْكُفْرُ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ الْإِسَاءَةِ وَأَشَدُّ الْمَعَاصِي فَإِذَا ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى كُفْرِهِ كَانَ كَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ فَيُعَاقَبْ عَلَى جَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ حَدِيثِ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ وَأَوْرَدَ كُلًّا فِي أَبْوَابِ الْمُرْتَدِّينَ.

وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: مَعْنَى حَدِيثِ الْبَابِ مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ بِالتَّمَادِي عَلَى مُحَافَظَتِهِ وَالْقِيَامِ بِشَرَائِطِهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ فِي عَقْدِهِ بِتَرْكِ التَّوْحِيدِ أُخِذَ بِكُلِّ مَا أَسْلَفَهُ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فَعَرَضْتُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَقَالُوا: لَا مَعْنَى لِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ هَذَا، وَلَا تَكُونُ الْإِسَاءَةُ هُنَا إِلَّا الْكُفْرَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

قُلْتُ: وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ مَعْنَى: مَنْ أَحْسَنَ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ أَسَاءَ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ.

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَوْنِيِّ: مَعْنَى مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ أَسْلَمَ إِسْلَامًا صَحِيحًا لَا نِفَاقَ فِيهِ وَلَا شَكَّ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ أَسْلَمَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَبِهَذَا جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ، وَلِغَيْرِهِ: مَعْنَى الْإِحْسَانِ الْإِخْلَاصُ حِينَ دَخَلَ فِيهِ وَدَوَامُهُ عَلَيْهِ إِلَى مَوْتِهِ، وَالْإِسَاءَةُ بِضِدِّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُخْلِصْ إِسْلَامَهُ كَانَ مُنَافِقًا فَلَا يَنْهَدِمُ عَنْهُ مَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيُضَافُ نِفَاقُهُ الْمُتَأَخِّرُ إِلَى كُفْرِهِ الْمَاضِي فَيُعَاقَبُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَطَّابِيَّ حَمَلَ قَوْلَهُ: فِي الْإِسْلَامِ عَلَى صِفَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مَاهِيَّةِ الْإِسْلَامِ، وَحَمَلَهُ غَيْرُهُ عَلَى صِفَةٍ فِي نَفْسِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَوْجَهُ. (تَنْبِيهٌ):

حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا يُقَابِلُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَاضِيَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مُعَلَّقًا عَنْ مَالِكٍ، فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ الْمَعَاصِيَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يُكْتَبُ عَلَيْهِ مَا عَمِلَهُ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ الْحَسَنَاتِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يُكْتَبُ لَهُ مَا عَمِلَهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي تَوْجِيهِ الثَّانِي عِنْدَ شَرْحِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ هُنَا بَعْضُ مَا ذَكَرَ هُنَاكَ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى كِتَابَةِ مَا عَمِلَهُ مِنَ الْخَيْرِ فِي الْكُفْرِ أَنَّهُ كَانَ سَبَبًا لِعَمَلِهِ الْخَيْرَ فِي الْإِسْلَامِ.

ثُمَّ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَهُوَ مِنْ رُءُوسِ