للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا تَعْدِلُ، وَفِي لَفْظٍ: مَا أَرَاكَ عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ وَيْحَكَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَيْلَكَ، وَهِيَ رِوَايَةُ شُعَيْبٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْأَدَبِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا لَمْ أُطِعْهُ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ: أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ أُطِيعَ اللَّهَ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: عِنْدَ مَنْ يُلْتَمَسُ الْعَدْلُ بَعْدِي، وَفِي رِوَايَةِ مِقْسَمٍ عَنْهُ: فَغَضِبَ وَقَالَ: الْعَدْلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ: فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ: قَالَ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلًا هُوَ أَعْدَلُ عَلَيْكُمْ مِنِّي.

قَوْلُهُ: (قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، وَيُونُسَ فَقَالَ بِزِيَادَةِ فَاءٍ، وَقَالَ: ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ: فَلَأَضْرِبْ بِزِيَادَةِ لَامٍ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ عَنْهُ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَقُومُ عَلَيْهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَظُنُّهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَتْلَهُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْجَزْمِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَأَلَ، ثُمَّ رَأَيْتُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِسَنَدِهِ فِيهِ: فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: لَا. ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَيْفُ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: لَا. فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَأَلَ.

وَقَدِ اسْتُشْكِلَ سُؤَالُ خَالِدٍ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْثَ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ كَانَ عَقِبَ بَعْثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَيْهَا، وَالذَّهَبُ الْمَقْسُومُ أَرْسَلَهُ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ كَمَا فِي صَدْرِ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ عَلِيًّا لَمَّا وَصَلَ إِلَى الْيَمَنِ رَجَعَ خَالِدٌ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ الذَّهَبَ فَحَضَرَ خَالِدٌ قِسْمَتَهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنَّهُ فِي قِصَّةِ قَسْمٍ وَقَعَ بِالْجِعِرَّانَةِ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ، وَالسَّائِلُ فِي قَتْلِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَزْمًا، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ كَمَا مَضَى قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (قَالَ دَعْهُ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: فَقَالَ لَهُ دَعْهُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ: فَقَالَ: لَا. وَزَادَ أَفْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ: فَقَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَقْتُلُ أَصْحَابِي.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا) هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ تَرْكَ الْأَمْرِ بِقَتْلِهِ بِسَبَبِ أَنَّ لَهُ أَصْحَابًا بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي تَرْكَ قَتْلِهِ مَعَ مَا أَظْهَرَهُ مِنْ مُوَاجَهَةِ النَّبِيِّ بِمَا وَاجَهَهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيفِ كَمَا فَهِمَهُ الْبُخَارِيُّ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْعِبَادَةِ مَعَ إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَوْ أَذِنَ فِي قَتْلِهِمْ لَكَانَ ذَلِكَ تَنْفِيرًا عَنْ دُخُولِ غَيْرِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَفْلَحَ وَلَهَا شَوَاهِدُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَفْلَحَ: سَيَخْرُجُ أُنَاسٌ يَقُولُونَ مِثْلَ قَوْلِهِ.

قَوْلُهُ: (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْإِفْرَادِ، وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِهِ: مَعَ صَلَاتِهِمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِيهِ وَفِي قَوْلِهِ: مَعَ صِيَامِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، وَيُونُسَ: يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَلَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ بِمُثَنَّاةٍ وَقَافٍ جَمْعُ تَرْقُوَةٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، وَهِيَ الْعَظْمُ الَّذِي بَيْنَ نُقْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ قِرَاءَتَهُمْ لَا يَرْفَعُهَا اللَّهُ وَلَا يَقْبَلُهَا، وَقِيلَ: لَا يَعْمَلُونَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يُثَابُونَ عَلَى قِرَاءَتِهِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ إِلا سَرْدُهُ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ حَظٌّ إِلَّا مُرُورَهُ عَلَى لِسَانِهِمْ لَا يَصِلُ إِلَى حُلُوقِهِمْ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَصِلَ إِلَى قُلُوبِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ تَعَقُّلُهُ وَتَدَبُّرُهُ بِوُقُوعِهِ فِي الْقَلْبِ.

قُلْتُ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِيهِمْ أَيْضًا: لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ أَيْ يَنْطِقُونَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَعْرِفُونَهَا بِقُلُوبِهِمْ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ رَطْبًا قِيلَ: الْمُرَادُ الْحِذْقُ فِي التِّلَاوَةِ أَيْ