وَالتَّشْدِيدِ عَنْ عَلِيٍّ: اطْلُبُوا المخرج فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَفِيهِ: فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتِ الْقَتْلَى فِي طِينٍ قَالَ أَبُو الْوَضِيِّ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَبَشِيٌّ عَلَيْهِ طُرَيْطِقٌ لَهُ إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا شُعَيْرَاتٌ مِثْلُ شُعَيْرَاتٍ تَكُونُ عَلَى ذَنَبِ الْيَرْبُوعِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: إِنْ كَانَ وَذَلِكَ الْمُخْرجُ لَمَعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ فَقِيرًا قَدْ كَسَوْتُهُ بُرْنُسًا لِي وَرَأَيْتُهُ يَشْهَدُ طَعَامَ عَلِيٍّ وَكَانَ يُسَمَّى نَافِعًا ذَا الثُّدَيَّةِ، وَكَانَ فِي يَدِهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَى رَأْسِهِ حَلَمَةٌ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شُعَيْرَاتٌ مِثْلُ سَبَلَاتِ السِّنَّوْرِ أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُدَ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَرْيَمَ مُطَوَّلًا وَفِيهِ: وَكَانَ عَلِيٌّ يُحَدِّثُنَا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ وَعَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ، فَسَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا كَثِيرَةً وَسَمِعْتُ المخرج حَتَّى رَأَيْتُهُ يَتَكَرَّهُ طَعَامَهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا يَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ.
وَفِيهِ: ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَلْتَمِسُوا المخرج فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ فَبَشَّرَهُ، فَقَالَ: وَجَدْنَاهُ تَحْتَ قَتِيلَيْنِ فِي سَاقِيَةٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كَذَبْتُ، وَفِي رِوَايَةِ أَفْلَحَ: فَقَالَ عَلِيٌّ: أَيُّكُمْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَحْنُ نَعْرِفُهُ، هَذَا حُرْقُوصٌ وَأُمُّهُ هَاهُنَا، قَالَ: فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَتْ: كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَشِيَنِي كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فَحَمَلْتُ مِنْهُ فَوَلَدْتُ هَذَا.
وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ شَمْخٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَشَرَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: الْتَمِسُوا لِيَ الْعَلَامَةَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَإِنِّي لَمْ أَكْذِبْ وَلَا أَكْذِبْ فَجِيءَ بِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ حِينَ عَرَفَ الْعَلَامَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ عَنْ عَلِيٍّ حَوْلَهَا سَبْعُ هُلْبَاتٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَمُوَحَّدَةٍ جَمْعُ هُلْبَةٍ، وَفِيهِ أَنَّ النَّاسَ وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ بَعْدَ قَتْلِ أَهْلِ النَّهْرِ فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنِّي لَا أَرَاهُ إِلَّا مِنْهُمْ، فَوَجَدُوهُ عَلَى شَفِيرِ النَّهْرِ تَحْتَ الْقَتْلَى، فَقَالَ عَلِيٌّ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَفَرِحَ النَّاسُ حِينَ رَأَوْهُ وَاسْتَبْشَرُوا وَذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَجِدُونَهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِ) فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ: فِيهِمْ.
قَوْلُهُ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ اللَّمْزُ الْعَيْبُ، وَقِيلَ: الْوُقُوعُ فِي النَّاسِ، وَقِيلَ: بِقَيْدِ أَنْ يَكُونَ مُوَاجَهَةً، وَالْهَمْزُ فِي الْغِيبَةِ أَيْ يَعِيبُكَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَيُؤَيِّدُ الْقِيلَ الْمَذْكُورَ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ وَاجَهَ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى الزِّيَادَةِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ لَكِنْ وَقَعَتْ مُقَدِّمَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: حِينَ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ وَذَكَرَ كَلَامَ أَبِي سَعِيدٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ قَالَ فَنَزَلَتْ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُتْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَا يُؤَيِّدُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ: فَجَعَلَ يَقْسِمُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَرَجُلٌ جَالِسٌ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا أَرَاكَ تَعْدِلُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَضِيِّ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ نَحْوُهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ لِلْقَائِلِ عَلَى مَا قَالَ مِنَ الْكَلَامِ الْجَافِي وَأَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْخِطَابِ السَّيِّئِ كَوْنُهُ لَمْ يُعْطَ مِنْ تِلْكَ الْعَطِيَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فَغَفَلَ عَنِ الرَّجُلِ فَذَهَبَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ فَطُلِبَ فَلَمْ يُدْرَكْ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ.
(تَنْبِيهٌ):
جَاءَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قِصَّةٌ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِالْخَوَارِجِ فِيهَا مَا يُخَالِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِوَادِي كَذَا فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ مُتَخَشِّعٌ يُصَلِّي فِيهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ. قَالَ: فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا رَآهُ يُصَلِّي كَرِهَ أَنْ يَقْتُلَهُ فَرَجَعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ، فَذَهَبَ فَرَآهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَرَجَعَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ اذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ فَذَهَبَ عَلِيٌّ فَلَمْ يَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute