لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقال النبي ﷺ: "أَلَا تَقُولُوهُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ فَإِنَّهُ لَا يُوَافَى عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ"
٦٩٣٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ فُلَانٍ قَالَ: "تَنَازَعَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحِبَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِحِبَّانَ: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ - يَعْنِي عَلِيًّا - قَالَ: مَا هُوَ لَا أَبَا لَكَ؟ قَالَ شَيْءٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ. قَالَ مَا هُوَ؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالزُّبَيْرَ وَأَبَا مَرْثَدٍ - وَكُلُّنَا فَارِسٌ - قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ حَاجٍ - قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: هَكَذَا قَالَ أَبُو عَوَانَةَ حَاجٍ - فَإِنَّ فِيهَا امْرَأَةً مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأْتُونِي بِهَا. فَانْطَلَقْنَا عَلَى أَفْرَاسِنَا حَتَّى أَدْرَكْنَاهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ. فَقُلْنَا أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَأَنَخْنَا بِهَا بَعِيرَهَا فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا. فَقَالَ صَاحِبَايَ مَا نَرَى مَعَهَا كِتَابًا، قَالَ فَقُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ حَلَفَ عَلِيٌّ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَاجَرِّدَنَّكِ. فَأَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا - وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْ الصَّحِيفَةَ، فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ". فَقال رسول الله ﷺ: "يَا حَاطِبُ مَا حَمَلكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي أَنْ لَا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يُدْفَعُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلاَّ لَهُ هُنَالِكَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. قَالَ: صَدَقَ، لَا تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا. قَالَ فَعَادَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، دَعْنِي فَلِأَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ: أَوَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمْ الْجَنَّةَ: فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ"
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَأَوِّلِينَ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ كُلِّ مَنْ أَكْفَرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ وَفِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ كُلُّ مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا وَبَيَانُ الْمُرَادِ بِذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أَكْفَرَ الْمُسْلِمَ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ اسْتَحَقَّ الذَّمَّ وَرُبَّمَا كَانَ هُوَ الْكَافِرَ.
وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ نُظِرَ إِنْ كَانَ غَيْرُ سَائِغٍ اسْتَحَقَّ الذَّمَّ أَيْضًا وَلَا يَصِلُ إِلَى الْكُفْرِ بَلْ يُبَيَّنُ لَهُ وَجْهُ خَطَئِهِ وَيُزْجَرُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ. وَلَا يَلْتَحِقُ بِالْأَوَّلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ الذَّمَّ بَلْ تُقَامُ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الصَّوَابِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ كُلُّ مُتَأَوِّلٍ مَعْذُورٌ بِتَأْوِيلِهِ لَيْسَ بِآثِمٍ إِذَا كَانَ تَأْوِيلُهُ سَائِغًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَكَانَ لَهُ وَجْهٌ فِي الْعِلْمِ. وَذَكَرَ هُنَا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: حَدِيثُ عُمَرَ فِي قِصَّتِهِ مَعَ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ حِينَ سَمِعَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي الصَّلَاةِ بِحُرُوفٍ تُخَالِفُ مَا قَرَأَهُ هُوَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute