للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرِّوَايَةِ إِلَى جَدِّهِمَا، وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ وَهُوَ بِجِيمٍ وَرَاءٍ، وَوَقَعَ هُنَا لِبَعْضِهِمْ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَمُثَلَّثَةٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَا فَلَا تَخْشَيْنَ) كَذَا لَهُمْ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمَرْأَةِ وَمَنْ مَعَهَا، وَظَنَّ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمَرْأَةِ وَحْدَهَا فَقَالَ: الصَّوَابُ فَلَا تَخْشِيِنَّ بِكَسْرِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، قَالَ وَلَوْ كَانَ بِلَا تَأْكِيدٍ لَحُذِفَتِ النُّونُ.

قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ فَأَرْسَلَا إِلَيْهَا أَنْ لَا تَخَافِي فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا خَاطَبَا مَنْ كَانَتْ أَرْسَلَتْهُ إِلَيْهِمَا أَوْ مَنْ أُرْسِلَا وَعَلَى الْحَالَيْنِ فَكَانَ مَنْ أُرْسِلَا فِي ذَلِكَ جَمَاعَةُ نِسْوَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِدَامٍ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بَيَانُ نَسَبِهَا وَحَالِهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ فَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ) يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ.

قَوْلُهُ: (فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ إِنَّ خَنْسَاءَ) يَعْنِي أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَلَا أَخَاهُ.

قُلْتُ: وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي مُسْنَدِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ خَنْسَاءَ فَذَكَرَهُ وَقَصَّرَ فِي سَنَدِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى مَوْصُولًا وَبَيَانُ مَنْ أَرْسَلَهُ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ وَشَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى وَرِوَايَةُ مَنْ قَالَ فِيهِ إِنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا وَبَيَانُ الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ.

الحديث الثالث تقدم التنبيه عليه.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا إِلَخْ) قَالَ الْمُهَلَّبُ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ اسْتِئْذَانِ الثَّيِّبِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا﴾ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا مِنَ الزَّوْجَيْنِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ بِاسْتِئْذَانِ الثَّيِّبِ وَرَدَّ نِكَاحَ مَنْ زُوِّجَتْ وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَقَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ خَارِجٌ عَنْ هَذَا كُلِّهِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا.

الحديث الرابع، قَوْلُهُ: (الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ) تَقَدَّمَ فِي الْإِكْرَاهِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ هَوِيَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ أَحَبَّ (إِنْسَانٌ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ رَجُلٌ.

قَوْلُهُ: (جَارِيَةً يَتِيمَةً أَوْ بِكْرًا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثَيِّبًا، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ بَطَّالٍ كَذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْكَلَامِ فَأَدْرَكَتِ الْيَتِيمَةُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ بَالِغٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَيْ يَشْهَدَانِ عَلَى أَنَّهَا مُدْرِكَةٌ وَرَضِيَتْ.

قَوْلُهُ: (فَقَبِلَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الزُّورِ) كَذَا لَهُمْ بِمُوَحَّدَةٍ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ شَهَادَةٌ بِحَذْفِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَوَّلِهِ.

قَوْلُهُ: (حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا يَحِلُّ هَذَا النِّكَاحُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَحُكْمُ الْقَاضِي بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الظَّاهِرِ لَا يُحِلُّ لِلزَّوْجِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ مَالِ غَيْرِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَكْلِ مَالِ الْحَرَامِ وَوَطْءِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ، وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: قَاسَ أَبُو حَنِيفَةَ في هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَالَّتِي قَبْلَهَا عَلَى مَسْأَلَةٍ اتِّفَاقِيَّةٍ وَهِيَ مَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ مَنْ ظَنَّ عَدَالَتَهُمَا أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَكَانَا شَهِدَا فِي ذَلِكَ بِالزُّورِ أَنَّهُ يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا لِمَنْ لَا يَعْلَمُ بَاطِنَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي يُقْدِمُ عَلَى الشَّيْءِ جَاهِلًا بِبُطْلَانِهِ لَا يُقَاسُ بِمَنْ يُقْدِمُ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِبُطْلَانِهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى ابْنَتِهِ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ ظَانًّا عَدَالَتَهُمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا فِي ابْنَةِ غَيْرِهِ مِنْ حُرَّةٍ أَنَّهَا أَمَةُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بُطْلَانَ شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَلَيْسَ الَّذِي نَسَبَهُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ مُسْتَقِيمًا، وَإِنَّمَا حُجَّتُهُمْ أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْقَاضِي أَنْشَأَ لِهَذَا الزَّوْجِ عَقْدًا مُسْتَأْنَفًا فَيَصِحُّ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ وَاحْتَجَّ بِأَثَرٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي نَحْوِ هَذَا قَالَ فِيهِ شَاهِدَاكَ زَوَّجَاكَ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: