الْحُمَيْدِيِّ: أَخَذَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ بِيَدِي فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ وَإِنَّ يَدَهُ لَعَلَى مَنْكِبِي، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ خَالُ الْمِسْوَرِ، وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ بِسِيَاقٍ مُخَالِفٍ لِهَذَا فَإِنَّهُ قَالَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيَّ، وَيَجْمَعُ بِأَنَّ الْمِسْوَرَ إِنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ عَمْرٍو بَعْدَ أَنْ وَصَلَ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِ سَعْدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَهَا أَوَّلًا ثُمَّ اتَّفَقَ دَخُولُ عَمْرٍو قَبْلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمِسْوَرُ فَأَعَادَ وَضْعَ يَدِهِ عَلَى مَنْكِبِهِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ) زَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَوْلُهُ: (أَلَا تَأْمُرُ هَذَا) يَعْنِي سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْمُرَادُ يَسْأَلُهُ أَوُ يُشِيرُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (بَيْتِيَ الَّذِي) كَذَا لَهُمْ بِالْإِفْرَادِ، وَلِلْكُشْمَهِينِيِّ بَيْتِيَ اللَّذَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَرِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ جَازِمَةٌ بِالثَّانِي فَإِنَّ عِنْدَهُ: فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا.
قَوْلُهُ: (إِمَّا مُقَطَّعَةٌ وَإِمَّا مُنَجَّمَةٌ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مُنَجَّمَةٌ عَلَى نَقَدَاتٍ مُفَرَّقَةٍ وَالنَّجْمُ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أُعْطِيتُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالْقَائِلُ هُوَ أَبُو رَافِعٍ.
قَوْلُهُ: (مَا بِعْتُكَهُ) أَيِ الشَّيْءَ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي مَا بِعْتُ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ) هُوَ شَكٌّ مِنْ سُفْيَانَ، وَجَزَمَ بِهَذَا الثَّانِي فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِيهَا أَعْطَيْتُكَ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ) الْقَائِلُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ مَعْمَرًا لَمْ يَقُلْ هَكَذَا) يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ بِالْحَدِيثِ دُونَ الْقِصَّةِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا بِالْمُخَالَفَةِ إِبْدَالُ الصَّحَابِيِّ بِصَحَابِيٍّ آخَرَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يُرِيدُ أَنَّ مَعْمَرًا لَمْ يَقُلْ هَكَذَا أَيْ بِأَنَّ الْجَارَ أَحَقُّ، بَلْ قَالَ الشُّفْعَةُ بِزِيَادَةِ لَفْظِ الشُّفْعَةِ، انْتَهَى.
وَلَفْظُ مَعْمَرٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقْبِهِ كَرِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ سَوَاءً وَالَّذِي قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ لَا أَصْلَ لَهُ وَمَا أَدْرِي مَا مُسْتَنَدُهُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ لَكِنَّهُ) يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَيْسَرَةَ (قَالَ لَهُ هَكَذَا) وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَالَ بِحَذْفِ الْهَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الْبَخُارِيِّ أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحَانِ؛ وَإِنَّمَا صَحَّحَهُمَا لِأَنَّ الثَّوْرِيَّ وَغَيْرَهُ تَابَعُوا سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ، وَلِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيَّ، وَعَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ رُوِّيَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
وَلَعَلَّ ابْنَ جُرَيْجٍ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِوَاسِطَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِالْعَنْعَنَةِ، وَلَمْ يَقِفِ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فَقَالَ مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ الْمُهَلَّبُ: مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ كُلَّ مَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ حَقًّا لِشَخْصٍ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إِبْطَالُهُ بِحِيلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الشُّفْعَةَ) كَذَا لِلْأَصِيلِيِّ، وَلِأَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلْآخَرِينَ يَمْنَعُ، وَرَجَّحَ عِيَاضٌ الْأَوَّلَ وَقَالَ هُوَ تَغْيِيرٌ مِنَ النَّاسِخِ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَازِمَ الْمَنْعِ وَهُوَ الْإِزَالَةُ عَنِ الْمِلْكِ.
قَوْلُهُ: (فَيَهَبُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الدَّارَ وَيَحُدُّهَا) بِمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدٍ، أَيْ يَصِفُ حُدُودَهَا الَّتِي تُمَيِّزُهَا، وَقَالَ الْكِرَمْانِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ أَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: (وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ وَيُعَوِّضُهُ الْمُشْتَرِي أَلْفَ دِرْهَمٍ) يَعْنِي مَثَلًا (فَلَا يَكُونُ لِلْشَفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ) أَيْ وَيَشْتَرِطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَوَضُ الْمَذْكُورُ مَشْرُوطًا، فَلَوْ كَانَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً فَأَشْبَهَتِ الْإِرْثَ.
قَالَ