للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٩٨١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ سَاوَمَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ بَيْتًا بِأَرْبَعِ مِائَةِ مِثْقَالٍ قال: وَقَالَ لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: الْجَارُ أَحَقُّ بِسقَبِهِ مَا أَعْطَيْتُكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ احْتِيَالِ الْعَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي قِصَّةِ ابْنِ اللُّتَبِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ شَرْحِهِ فِي الْهِبَةِ وَتَقَدَّمَتْ تَسْمِيَتُهُ وَضَبْطُ اللُّتَبِيَّةِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَيَأْتِي اسْتِيفَاءُ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ تَمَلُّكَهُ مَا أُهْدِيَ لَهُ إِنَّمَا كَانَ لِعِلَّةِ كَوْنِهِ عَامِلًا فَاعْتَقَدَ أَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ لَهُ يَسْتَبِدُّ بِهِ دُونَ أَصْحَابِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا، فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ أَنَّ الْحُقُوقَ الَّتِي عَمِلَ لِأَجْلِهَا هِيَ السَّبَبُ فِي الْإِهْدَاءِ لَهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ فِي مَنْزِلِهِ لَمْ يُهْدَ لَهُ شَيْءٌ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَحِلَّهَا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ الْهَدِيَّةِ فَإِنَّ ذَاكَ إِنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ يَتَمَحَّضُ الْحَقُّ لَهُ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ.

قَالَ الْمُهَلَّبُ: حِيلَةُ الْعَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ تَقَعُ بِأَنْ يُسَامِحَ بَعْضَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فَلِذَلِكَ قَالَ: هَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ لِيَنْظُرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَوْلَا الطَّمَعُ فِي وَضْعِهِ مِنَ الْحَقِّ مَا أُهْدِيَ لَهُ، قَالَ: فَأَوْجَبَ النَّبِيُّ أَخْذَ الْهَدِيَّةِ وَضَمَّهَا إِلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا قَالَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْذِ ذَلِكَ مِنْهُ صَرِيحًا.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ لِلْعَامِلِ تَكُونُ لِشُكْرِ مَعْرُوفِهِ أَوْ لِلتَّحَبُّبِ إِلَيْهِ أَوْ لِلطَّمَعِ فِي وَضْعِهِ مِنَ الْحَقِّ، فَأَشَارَ النَّبِيُّ إِلَى أَنَّهُ فِيمَا يُهْدَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ لَا فَضْلَ لَهُ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْثَارُ بِهِ انْتَهَى.

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ إِنْ وَقَعَتْ لَمْ تَحِلَّ لِلْعَامِلِ جَزْمًا وَمَا قَبْلَهَا فِي طَرَفِ الِاحْتِمَالِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ إِلَخْ) كَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا بَعْدَهُ مُتَّصِلًا بِبَابِ احْتِيَالِ الْعَامِلِ، وَأَظُنُّهُ وَقَعَ هُنَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ فَإِنَّ الْحَدِيثَ وَمَا بَعْدَهُ يَتَعَلَّقُ بِبَابِ الْهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ، فَلَمَّا جَعَلَ التَّرْجَمَةَ مُشْتَرَكَةً جَمَعَ مَسَائِلَهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ إِنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ النَّقَلَةِ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ بَطَّالٍ هُنَا بَابٌ بِلَا تَرْجَمَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمَا بَعْدَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَابُ احْتِيَالِ الْعَامِلِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا إِشْكَالَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ قِصَّةِ ابْنِ اللُّتَبِيَّةِ بَابٌ بِلَا تَرْجَمَةٍ فَسَقَطَتِ التَّرْجَمَةُ فَقَطْ أَوْ بَيَّضَ لَهَا فِي الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ اشْتَرَى دَارًا) أَيْ أَرَادَ شِرَاءَ دَارٍ (بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَالَ) أَيْ عَلَى إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، (حَتَّى يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَنْقُدَهُ) أَيْ يَنْقُدَ الْبَائِعَ (تِسْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَتِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَيَنْقُدَهُ دِينَارًا بِمَا بَقِيَ مِنَ الْعِشْرِينَ أَلْف) أَيْ مُصَارَفَةً عَنْهَا. (فَإِنْ طَالَبَهُ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) أَيْ إِنْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّارِ) أَيْ لِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ امْتَنَعَ مِنْ بَدَلِ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ) بِلَفْظِ الْمَجْهُولِ أَيْ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً لِغَيْرِ الْبَائِعِ (رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ وَهُوَ تِسْعَةُ آلَافٍ إِلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ الْقَدْرِ الَّذِي تَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَ اسْتُحِقَّ) أَيْ لِلْغَيْرِ (انْتَقَضَ الصَّرْفُ) أَيِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ (بِالدِّينَارِ)، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، فِي الدِّينَارِ وَهُوَ أَوْجَهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَجَدَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَيْبًا وَلَمْ تُسْتَحَقَّ) أَيْ لَمْ تَخْرُجْ مُسْتَحَقَّةً (فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا) أَيْ وَهَذَا تَنَاقُضٌ بَيِّنٌ