للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، يُقَالُ رَجُلٌ مَأْمُوهٌ أَيْ ذَاهِبُ الْعَقْلِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قُرِئَ بَعْدَ أَمْهٍ أَيْ نِسْيَانٌ، تَقُولُ أَمِهْتُ آمَهُ أَمْهًا بِسُكُونِ الْمِيمِ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَمِهْتُ وَكُنْتُ لَا أَنْسَى حَدِيثًا

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَرَءُوا بَعْدَ أَمْهٍ ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا بَعْدَ أَمْهٍ وَتَفْسِيرُهَا بَعْدَ نِسْيَانٍ، وَسَاقَ مِثْلَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ لَكِنْ قَالَهَا بِسُكُونِ الْمِيمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَعْصِرُونَ الْأَعْنَابَ وَالدُّهْنَ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ يَقُولُ الْأَعْنَابُ وَالدُّهْنُ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ مِنَ الْعُصْرَةِ وَهِيَ النَّجَاةُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ يَعْصِرُونَ يَنْجُونَ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْقِصَّةِ: ﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقَالَ الْأَكْثَرُ: أُطْلِقَ عَصْرُ الْخَمْرِ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ وَهُوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْمَنَّانِ … صَارَ الثَّرِيدُ فِي رُءُوسِ الْقُضْبَانِ

أَيِ السُّنْبُلِ، فَسَمَّى الْقَمْحَ ثَرِيدًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: أَهْلُ عُمَانَ يُسَمُّونَ الْعِنَبَ خَمْرًا، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: لَقِيتُ أَعْرَابِيًّا مَعَهُ سَلَّةُ عِنَبٍ فَقُلْتُ مَا مَعَكَ؟ قَالَ: خَمْرٌ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَبًا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ التَّفْسِيرَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّ السَّاقِيَ قَالَ لِيُوسُفَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنِّي غَرَسْتُ حَبَّةً فَنَبَتَتْ فَخَرَجَ فِيهَا ثَلَاثُ عَنَاقِيدَ فَعَصَرْتُهُنَّ ثُمَّ سَقَيْتُ الْمَلِكَ، فَقَالَ: تَمْكُثُ فِي السِّجْنِ ثَلَاثًا ثُمَّ تَخْرُجُ فَتَسْقِيهِ أَيْ عَلَى عَادَتِكَ.

قَوْلُهُ: (تُحْصِنُونَ: تَحْرُسُونَ) كَذَا لَهُمْ مِنَ الْحِرَاسَةِ، وَعِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ تُحْرِزُونَ بِزَايٍ بَدَلَ السِّينِ مِنَ الْإِحْرَازِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَخْزُنُونَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ زَايٍ وَنُونَيْنِ مِنَ الْخَزْنِ.

قَوْلُهُ: (جُوَيْرِيَةُ) بِالضَّمِّ مُصَغَّرٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ الضُّبَعِيُّ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ مِنَ الْأَقْرَانِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لَأَجَبْتُهُ) كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرْجَمَةُ يُوسُفَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ فِيهِ قِصَّةَ لُوطٍ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ: نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَدِيثَ.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ قَالَ: مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِطُولِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْرِيَةَ بِطُولِهِ، أَخْرَجُوهُ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ عَمِّهِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ.

وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ رَوَاهُ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بَدَلَ أَبِي عُبَيْدٍ وَوَهِمَ فِيهِ؛ فَإِنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ مَالِكٍ أَبُو عُبَيْدٍ لَا أَبُو سَلَمَةَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ سَعِيدًا وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ بِهِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِأَبْسَطَ مِنْ سِيَاقِهِ، فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ رَفَعَهُ: لَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ يُوسُفَ وَكَرَمِهِ وَصَبْرِهِ حَتَّى سُئِلَ عَنِ الْبَقَرَاتِ الْعِجَافِ وَالسِّمَانِ، وَلَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ مَا أَجَبْتُ حَتَّى أَشْتَرِطَ أَنْ يُخْرِجُونِي، وَلَقَدْ عَجِبْتُ مِنْهُ حِينَ أَتَاهُ الرَّسُولُ - يَعْنِي لِيَخْرُجَ إِلَى الْمَلِكِ - فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، وَلَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ وَلَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ لَأَسْرَعْتُ الْإِجَابَةَ وَلَبَادَرْتُ الْبَابَ وَلَمَا ابْتَغَيْتُ الْعُذْرَ.

وَهَذَا مُرْسَلٌ وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ بِضَمِّ