للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ - ابْنِ الْحُرِّ - بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ - الْفَزَّارِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا: كُنْتُ جَالِسًا فِي حَلْقَةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَفِيهَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ حَدِيثًا حَسَنًا، فَلَمَّا قَامَ قَالَ الْقَوْمُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا.

وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَجَاءَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا لَهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا قِصَّتَانِ اتَّفَقَتَا لِرَجُلَيْنِ، فَكَأَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَتَحَدَّثُ كَمَا فِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ: فَلَمَّا قَامَ ذَاهِبًا مَرَّ عَلَى الْحَلْقَةِ الَّتِي فِيهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ عُمَرَ فَحَضَرَ ذَلِكَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ كَمَا فِي رِوَايَتِهِ، وَكُلٌّ مِنْ خَرَشَةَ وَقَيْسٍ اتَّبَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَدَخَلَ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ وَسَأَلَهُ فَأَجَابَهُ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ سَوَاءٌ كَانَ زَمَنُ اجْتِمَاعِهِمَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ اتَّحَدَ أَمْ تَعَدَّدَ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا) بَيَّنَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَفِيهِ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ وَلَفْظُهُ ثُمَّ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَدَخَلْتُ فَتَحَدَّثْنَا، فَلَمَّا اسْتَأْنَسَ قُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ لَمَّا دَخَلْتَ قَبْلُ قَالَ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا، وَكَأَنَّهُ نَسَبَ الْقَوْلَ لِلْجَمَاعَةِ وَالنَّاطِقُ بِهِ وَاحِدٌ لِرِضَاهُمْ بِهِ وَسُكُوتِهِمْ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَتَّبِعَنَّهُ فَلَأَعْلَمَنَّ مَكَانَ بَيْتِهِ، فَانْطَلَقَ حَتَّى كَان يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ يَا ابْنَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُ الْقَوْمَ يَقُولُونَ فَذَكَرَ اللَّفْظَ الْمَاضِيَ وَفِيهِ: فَأَعْجَبَنِي أَنْ أَكُونَ مَعَكَ، وَسَقَطَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَعِنْدَهُ: فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قُلْتُ: زَعَمَ هَؤُلَاءِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ) تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ هَذَا فِي الْمَنَاقِبِ مُفَصَّلًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَسَأُحَدِّثُكَ مِمَّا قَالُوا ذَلِكَ فَذَكَرَ الْمَنَامَ، وَهَذَا يُقَوِّي احْتِمَالَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الْجَزْمَ وَلَمْ يُنْكِرْ أَصْلَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهَذَا شَأْنُ الْمُرَاقِبِ الْخَائِفِ الْمُتَوَاضِعِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ الْجَنَّةُ لِلَّهِ يُدْخِلُهَا مَنْ يَشَاءُ زَادَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ) بَيَّنَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّ الْعَمُودَ كَانَ فِي وَسَطِ الرَّوْضَةِ، وَلَمْ يَصِفِ الرَّوْضَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالرَّوْضَةِ جَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ، وَبِالْعَمُودِ الْأَرْكَانُ الْخَمْسَةُ، وَبِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الْإِيمَانُ.

قَوْلُهُ: (فَنُصِبَ فِيهَا) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ قَبَضْتُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ تَاءُ الْمُتَكَلِّمِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي رَأْسِهَا عُرْوَةٌ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ: وَفِي أَعْلَى الْعَمُودِ عُرْوَةٌ وَفِي رِوَايَتِهِ فِي الْمَنَاقِبِ وَوَسَطُهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ وَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَفِي رَأْسِهَا لِلْعَمُودِ وَالْعَمُودُ مُذَكَّرٌ وَكَأَنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ الدِّعَامَةِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي الْمَنَاقِبِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ) هَذَا مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ مِنِ ابْنِ سِيرِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَجَاءَنِي مِنْصَفٌ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَالْمِنْصَفُ الْخَادِمُ فَقَالَ بِثِيَابِي مِنْ خَلْفُ وَوَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِيَدِهِ.

قَوْلُهُ: (فَرَقِيتُ) بِكَسْرِ الْقَافِ عَلَى الْأَفْصَحِ (فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْمَنَاقِبِ فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَاسْتَمْسَكْتُ فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ: حَتَّى أَتَى بِي عَمُودًا رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ وَأَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ فِي أَعْلَاهُ حَلْقَةٌ فَقَالَ لِي: اصْعَدْ فَوْقَ هَذَا، قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ أَصْعَدُ؟ فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي وَهُوَ بِزَايٍ وَجِيمٍ أَيْ رَفَعَنِي فَإِذَا أَنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْحَلْقَةِ، ثُمَّ ضُرِبَ الْعَمُودُ فَخَرَّ وَبَقِيتُ مُتَعَلِّقًا بِالْحَلْقَةِ حَتَّى أَصْبَحْتُ.

وَفِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ