للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبْيَنُ) أَيْ حَيْثُ فَصَلَ الْمَرْفُوعَ مِنَ الْمَوْقُوفِ وَلَا سِيَّمَا تَصْرِيحَهُ بِقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِخِلَافِ مَا قَالَ فِيهِ وَكَانَ يُقَالُ فَإِنَّ فِيهَا الِاحْتِمَالَ بِخِلَافِ أَوَّلِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِرَفْعِهِ، وَقَدِ اقْتَصَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ عَوْفٍ عَلَى بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ مِنْ رِوَايَةِ هَوْذَةَ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ، غَيْرَ أَنَّ أَيُّوبَ هُوَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ شَكَّ أَهُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ الظَّاهِرُ.

قُلْتُ: وَهُوَ حَصْرٌ مَرْدُودٌ، وَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ خَاصَّةً؛ فَإِنَّ مُسْلِمًا مَا أَخْرَجَ طَرِيقَ عَوْفٍ هَذِهِ وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ طَرِيقَ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ أَيُّوبَ شَكَّ أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يَشُكَّ وَهُوَ قَتَادَةُ مَثَلًا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُفَصَّلَةِ زِيَادَةٌ فَرُجِّحَتْ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ يُونُسُ لَا أَحْسِبُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ فِي الْقَيْدِ) يَعْنِي أَنَّهُ شَكٌّ فِي رَفْعِهِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْمُصَنِّفُ.

قَوْلُهُ: (لَا تَكُونُ الْأَغْلَالُ إِلَّا فِي الْأَعْنَاقِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: قَدْ يَكُونُ الْغُلُّ فِي غَيْرِ الْعُنُقِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَالْغُلُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَاحِدُ الْأَغْلَ لِ، قَالَ: وَقَدْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمُ الْغُلَّ عَلَى مَا تُرْبَطُ بِهِ الْيَدُ، وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْقَالِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: الْغُلُّ جَامِعَةٌ تُجْعَلُ فِي الْعُنُقِ أَوِ الْيَدِ وَالْجَمْعُ أَغْلَالٌ، وَيَدٌ مَغْلُولَةٌ جُعِلَتْ فِي الْغُلِّ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ كَذَا اسْتَشْهَدَ بِهِ الْكِرْمَانِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْيَدَ تُغَلُّ فِي الْعُنُقِ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ التَّعْبِيرِ عِبَارَةٌ عَنْ كَفِّهِمَا عَنِ الشَّرِّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَنَامُ صُهَيْبٍ فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، فَأَمَّا رِوَايَةُ قَتَادَةَ الْمُعَلَّقَةُ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بِشَارَةٌ مِنَ اللَّهِ وَالتَّحْزِينُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَمِنَ الرُّؤْيَا مَا يُحَدِّثُ بِهِ الرَّجُلُ نَفْسَهُ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَأَكْرَهُ الْغُلَّ فِي النَّوْمِ، وَيُعْجِبُنِي الْقَيْدُ فَإِنَّ الْقَيْدَ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ.

وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِسَنَدِهِ عَقِبَ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ الَّتِي فِيهَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَيُعْجِبُنِي الْقَيْدُ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ، قَالَ مُسْلِمٌ: فَأَدْرَجَ يَعْنِي هِشَامًا، عَنْ قَتَادَةَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلَهُ: وَأَكْرَهُ الْغُلَّ إِلَخْ وَلَمْ يَذْكُرِ الرُّؤْيَا جُزْءٌ الْحَدِيثَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أُحِبُّ الْقَيْدَ فِي النَّوْمِ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، الْقَيْدُ فِي النَّوْمِ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ حَدِيثَ: إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: وَالرُّؤْيَا ثَلَاثٌ الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: قَالَ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ، هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو دَاوُدَ وَلَا التِّرْمِذِيُّ قَوْلَهُ: فَلَا أَدْرِي إِلَخْ.

وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَنَحْوَ الثَّانِي ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُمَا: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يُعْجِبُنِي الْقَيْدُ إِلَخْ، قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ إِلَخْ.

وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ حَدِيثَ الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ مَرْفُوعًا كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ قَبْلَ هَذَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَكَانَ يَقُولُ يُعْجِبنِي الْقَيْدُ الْحَدِيثَ، وَبَعْدَهُ وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ رَآنِي فَإِنِّي أَنَا هُوَ الْحَدِيثَ وَبَعْدَهُ وَكَانَ يَقُولُ: لَا تَقُصَّ الرُّؤْيَا إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا مَرْفُوعَةٌ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ يُونُسَ وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ فَأَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَلَفٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ