للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَيِ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

وَقَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ) أَيْ: لِي. (وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ) أَيْ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ لِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ الْمُعَلَّقَةِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ إِلَى الرِّوَايَةِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - مَعَ أَنَّ رِوَايَةَ أَبِي عُبَيْدَةَ أَعْلَى لَهُ - لِكَوْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَتَكُونُ مُنْقَطِعَةً بِخِلَافِ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ فَإِنَّهَا مَوْصُولَةٌ، وَرِوَايَةُ أَبِي إِسْحَاقَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَمُرَادُ أَبِي إِسْحَاقَ هُنَا بِقَوْلِهِ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ أَيْ: لَسْتُ أَرْوِيهِ الْآنَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَإِنَّمَا أَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ صَاحِبُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: هُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ؛ فَإِنَّ الْأَسْوَدَ الزُّهْرِيَّ لَمْ يُسْلِمْ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَعِيشَ حَتَّى يَرْوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

قَوْلُهُ: (أَتَى الْغَائِطَ) أَيِ: الْأَرْضَ الْمُطَمْئِنَةَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ أَجِدْ) وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَلَمْ أَجِدْهُ أَيِ: الْحَجَرَ الثَّالِثَ.

قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) فِيهِ الْعَمَلُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّهْيُ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: وَلَا يَسْتَنْجِ أَحَدُكُمْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَخَذَ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَاشْتَرَطُوا أَنْ لَا يَنْقُصَ مِنَ الثَّلَاثِ، مَعَ مُرَاعَاةِ الْإِنْقَاءِ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهَا فَيُزَادُ حَتَّى يُنَقَّى، وَيُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ الْإِيتَارُ لِقَوْلِهِ: وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِزِيَادَةٍ فِي أَبِي دَاوُدَ حَسَنَةِ الْإِسْنَادِ قَالَ: وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَوْ كَانَ الْقَصْدُ الْإِنْقَاءَ فَقَطْ لَخَلَا اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ عَنِ الْفَائِدَةِ، فَلَمَّا اشْتَرَطَ الْعَدَدَ لَفْظًا وَعُلِمَ الْإِنْقَاءُ فِيهِ مَعْنًى دَلَّ عَلَى إِيجَابِ الْأَمْرَيْنِ، وَنَظِيرُهُ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنَّ الْعَدَدَ مُشْتَرَطٌ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (فَأَخَذْتُ رَوْثَةً) زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا كَانَتْ رَوْثَةَ حِمَارٍ، وَنَقَلَ التَّيْمِيُّ أَنَّ الرَّوْثَ مُخْتَصٌّ بِمَا يَكُونُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الثَّلَاثَةِ؛ قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَرَطًا لَطَلَبَ ثَالِثًا، كَذَا قَالَ، وَغَفَلَ عَمَّا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ فَإِنَّ فِيهِ: فَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: إِنَّهَا رِكْسٌ، ائْتِنِي بِحَجَرٍ. وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ.

وَقَدْ تَابَعَ عَلَيْهِ مَعْمَر، أَبُو شُعْبَةَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَتَابَعَهُمَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ أَحَدُ الثِّقَاتِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَبَا إِسْحَاقَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلْقَمَةَ لَكِنْ أَثْبَتَ سَمَاعَهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْهُ الْكَرَابِيسِيُّ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ عَنْهُ فَالْمُرْسَلُ حُجَّةٌ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ وَعِنْدَنَا أَيْضًا إِذَا اعْتُضِدَ، وَاسْتِدْلَالُ الطَّحَاوِيِّ فِيهِ نَظَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اكْتَفَى بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ فِي طَلَبِ الثَّلَاثَةِ فَلَمْ يُجَدِّدِ الْأَمْرَ بِطَلَبِ الثَّالِثِ، أَوِ اكْتَفَى بِطَرَفِ أَحَدِهِمَا عَنِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالثَّلَاثَةِ أَنْ يَمْسَحَ بِهَا ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ وَذَلِكَ حَاصِلٌ وَلَوْ بِوَاحِدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ بِطَرَفٍ وَاحِدٍ وَرَمَاهُ ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ آخَرُ فَمَسَحَ بِطَرَفِهِ الْآخَرِ لَأَجْزَأَهُمَا بِلَا خِلَافٍ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ الْمَالِكِيُّ: رُوِيَ أَنَّهُ أَتَاهُ بِثَالِثٍ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ لِمَنْ لَا يَشْتَرِطُ الثَّلَاثَةَ قَائِمٌ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَحَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ ثَابِتَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا وَقَفَ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فَقَطْ. ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا مِنْ سَبِيلٍ وَاحِدٍ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ مِنْهُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اكْتَفَى لِلْقُبُلِ بِالْمَسْحِ فِي الْأَرْضِ وَلِلدُّبُرِ بِالثَّلَاثَةِ، أَوْ مَسَحَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَرَفَيْنِ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ لِلْعَدَدِ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ فَفَاسِدُ الِاعْتِبَارِ ; لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ الصَّرِيحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَلْمَانَ