للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَأْتِي عَلَيْكُمْ عَامٌ إِلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَعْنِي عَامًا.

الْحَدِيثُ الثَّانِي قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَخُوهُ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ نُسِبَ لِجَدِّهِ، هَكَذَا عُطِفَ هَذَا الْإِسْنَادُ النَّازِلُ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ أَعْلَى مِنْهُ بِدَرَجَتَيْنِ لِأَنَّهُ أَوْرَدَ الْأَوَّلَ مُجَرَّدًا فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَدَبِ بِتَمَامِهِ، فَلَمَّا أَوْرَدَهُ هُنَا عَنْهُ أَرْدَفَهُ بِالسَّنَدِ الْآخَرِ وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِ السَّنَدِ الثَّانِي، وَابْنُ شِهَابٍ شَيْخُ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ هُوَ الزُّهْرِيُّ شَيْخُ شُعَيْبٍ.

قَوْلُهُ: (هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا رَاءٌ وَسِينٌ مُهْمَلَةٌ، نِسْبَةٌ إِلَى بَنِي فِرَاسٍ بَطْنٍ مِنْ كِنَانَةٍ وَهُمْ إِخْوَةُ قُرَيْشٍ، وَكَانَتْ هِنْدٌ زَوْجُ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَهَا صُحْبَةٌ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.

قَوْلُهُ: (اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ لَيْلَةً فَزِعًا) بِنَصْبِ لَيْلَةٍ، وَفَزِعًا بِكَسْرِ الزَّاي عَلَى الْحَالِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ كَمَا مَضَى فِي الْعِلْمِ: اسْتَيْقَظَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ الْكَلَامُ عَلَى لَفْظِ ذَاتَ وَرِوَايَةُ هَذَا الْبَابِ تُؤَيِّدُ أَنَّهَا زَائِدَةٌ. وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ مِثْلُ الْبَابِ لَكِنْ بِحَذْفِ فَزِعًا، وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ بِحَذْفِهِمَا.

قَوْلُهُ: (يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ!) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ فِي اللِّبَاسِ: اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

قَوْلُهُ: (مَاذَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ وَمَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ؟) فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَمَاذَا أُنْزِلَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ؟ وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ؟. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ مِثْلُهُ لَكِنْ بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، وَقَالَ: مِنَ الْفِتْنَةِ بِالْإِفْرَادِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُرَادِ بِالْخَزَائِنِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَمَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ فِيهَا مَعْنَى التَّعَجُّبِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ؟) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: أَيْقِظُوا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ مَكْسُورُ الثَّالِثِ، وَصَوَاحِبَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَجَوَّزَ الْكِرْمَانِيُّ إِيقَظُوا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَصَوَاحِبَ مُنَادَى، وَدَلَّتْ رِوَايَةُ أَيْقِظُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مَنْ يُوقِظُ التَّحْرِيضَ عَلَى إِيقَاظِهِنَّ.

قَوْلُهُ: يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ لِكَيْ يُصَلِّينَ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: حَتَّى يُصَلِّينَ، وَخَلَتْ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.

قَوْلُهُ: (رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: فَرُبَّ؛ بِزِيَادَةِ فَاءٍ فِي أَوَّلِهِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ: يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ بِزِيَادَةِ حَرْفِ النِّدَاءِ فِي أَوَّلِهِ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ: كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ رُبَّ أَكْثَرُ مَا تَرِدُ لِلتَّكْثِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ أَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ إِنَّهَا لِلتَّقْلِيلِ وَأَنَّ مَعْنَى ما يَصْدُرُ بِهَا الْمُضِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَعْنَاهَا فِي الْغَالِبِ التَّكْثِيرُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ سِيبَوَيْهِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ كَمْ: وَاعْلَمْ أَنَّ كَمْ فِي الْخَبَرِ لَا تَعْمَلُ إِلَّا فِيمَا تَعْمَلُ فِيهِ رُبَّ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ كَمْ اسْمٌ وَرُبَّ غَيْرُ اسْمٍ، انْتَهَى.

وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَعْنَى كَمِ الْخَبَرِيَّةِ التَّكْثِيرُ، وَلَمْ يَقَعْ فِي كِتَابِهِ مَا يُعَارِضُ ذَلِكَ، فَصَحَّ أَنَّ مَذْهَبَهَ مَا ذَكَرْتُ وَحَدِيثُ الْبَابِ شَاهِدٌ لِذَلِكَ، فَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ بَلِ الْمُتَّصِفُ بِذَلِكَ مِنَ النِّسَاءِ كَثِيرٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ جُعِلَتْ كَمْ مَوْضِعَ رُبَّ لَحَسُنَ، انْتَهَى. وَقَدْ وَقَعَتْ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا بَيَّنْتُهُ، وَمِمَّا وَرَدَتْ فِيهِ لِلتَّكْثِيرِ قَوْلُ حَسَّانَ:

رُبَّ حُلْمٍ أَضَاعَهُ عَدَمُ الْمَالِ … وَجَهْلٍ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعِيمُ

وَقَوْلُ عَدِيٍّ:

رُبَّ مَأْمُولٍ وَرَاجٍ أَمَلًا … قَدْ ثَنَاهُ الدَّهْرُ عَنْ ذَاكَ الْأَمَلِ