للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَقُولُ مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا قَالَ نَعَمْ

٧٠٧٤ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ "عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا لَا يَخْدِشُ مُسْلِمًا"

٧٠٧٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: "إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ"

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ : مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا) ذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَأَوْرَدَ مَعَهُمَا فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أُخْرَى.

الْأَوَّلُ وَالثَّانِي قَوْلُهُ: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ) فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ حَمْلُ السِّلَاحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقِتَالِهِمْ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَخْوِيفِهِمْ وَإِدْخَالِ الرُّعْبِ عَلَيْهِمْ، وَكَأَنَّهُ كَنَّى بِالْحَمْلِ عَنِ الْمُقَاتَلَةِ أَوِ الْقَتْلِ لِلْمُلَازَمَةِ الْغَالِبَةِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ مَا يُضَادُّ الْوَضْعَ وَيَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْقِتَالِ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ حَمْلُهُ لِإِرَادَةِ الْقِتَالِ بِهِ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: عَلَيْنَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَمْلُهُ لِلضَّرْبِ بِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّشْدِيدِ فِيهِ.

قُلْتُ: جَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: مَنْ شَهَرَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَفِي سَنَدِ كُلٍّ مِنْهَا لِينٌ لَكِنَّهَا يَعْضِدُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: مَنْ رَمَانَا بِالنَّبْلِ فَلَيْسَ مِنَّا، وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ: اللَّيْلِ بَدَلَ: النَّبْلِ، وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مِثْلُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ مِنَّا)؛ أَيْ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا، أَوْ لَيْسَ مُتَّبِعًا لِطَرِيقَتِنَا؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْصُرَهُ وَيُقَاتِلَ دُونَهُ لَا أَنْ يُرْعِبَهُ بِحَمْلِ السِّلَاحِ عَلَيْهِ لِإِرَادَةِ قِتَالِهِ أَوْ قَتْلِهِ، وَنَظِيرُهُ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ. وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ يَسْتَحِلُّهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمِ بِشَرْطِهِ لَا مُجَرَّدَ حَمْلِ السِّلَاحِ، وَالْأَوْلَى عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَأْوِيلِهِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَيَقُولُ: مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا، وَيَرَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ تَأْوِيلِهِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ قَاتَلَ الْبُغَاةَ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ فَيُحْمَلُ عَلَى الْبُغَاةِ وَعَلَى مَنْ بَدَأَ بِالْقِتَالِ ظَالِمًا.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) كَذَا فِي الْأُصُولِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا، وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا. وَفِي الْعِتْقِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - غَيْرُ مَنْسُوبٍ - عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَأَنَّ الْحَاكِمَ جَزَمَ بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ هُنَا هُوَ ابْنُ رَافِعٍ فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَيَدُلُّ عَلَى وَهْمِهِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ: عَنْ مَعْمَرٍ.

قَوْلُهُ: (لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ) كَذَا فِيهِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَهُوَ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ: لَا يُشِرْ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَهُوَ بِلَفْظِ النَّهْيِ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ