للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ : الْفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ)؛ أَيْ مِنْ جِهَتِهِ، ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أُسَامَةَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْفِتَنِ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ : إِنِّي لَأَرَى الْفِتَنَ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ وَكَانَ خِطَابُهُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَامَ إِلَى جَنْبِ الْمِنْبَرِ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ بِسَنَدِهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْمَشْرِقَ.

قَوْلُهُ: (الْفِتْنَةُ هَهُنَا، الْفِتْنَةُ هَهُنَا) كَذَا فِيهِ مَرَّتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ: هَاإِنَّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا؛ أَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ، أَوْ قَالَ: قَرْنُ الشَّمْسِ) كَذَا هُنَا بِالشَّكِّ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: هَهُنَا أَرْضُ الْفِتَنِ، وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ يَعْنِي حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: أَلَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا، يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ. وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ مِثْلُ مَعْمَرٍ، لَكِنْ لَمْ يَقُلْ: أَوْ قَالَ: قَرْنُ الشَّمْسِ. بَلْ قَالَ: يَعْنِي الْمَشْرِقَ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ سَالِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُشِيرُ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَيَقُولُ: هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا ثَلَاثًا حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ. وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ مِثْلُهُ، لَكِنْ قَالَ: إِنَّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا ثَلَاثًا وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، مَا أَسْأَلُكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ وَأَرْكَبُكُمُ الْكَبِيرَةَ! سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَهُنَا، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ.

كَذَا فِيهِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَلَهُ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ سِيَاقِ حَنْظَلَةَ سَوَاءٌ، وَلَهُ نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَخْرَجَهُ فِي الطَّلَاقِ ثُمَّ سَاقَ هُنَا مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ رِوَايَةِ يُونُسَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَلَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا وَلَمْ يُكَرِّرْ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ، وَأَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنِ اللَّيْثِ؛ فَكَرَّرَهَا مَرَّتَيْنِ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ (عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا. . . الْحَدِيثَ) كَذَا أَوْرَدَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَزْهَرَ السَّمَّانِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ آدَمَ ابْنِ بِنْتِ أَزْهَرَ حَدَّثَنِي جَدِّي أَزْهَرُ بِهَذَا السَّنَدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ. وَمِثْلُهُ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ، عَنْ أَزْهَرَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ كَذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مَوْقُوفًا، وَذَكَرْتُ هُنَاكَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا. فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَالدَّوْرَقِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَفِي نَجْدِنَا: قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا. قَالَ: وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ: هُنَاكَ فَذَكَرَهُ، لَكِنْ شَكَّ هَلْ قَالَ بِهَا أَوْ مِنْهَا، وَقَالَ يَخْرُجُ بَدَلَ يَطْلُعُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ مَرَّتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ وَلَدِ ابْنِ عَوْنٍ: فَلَمَّا كَانَ الثَّالِثَةُ أَوِ الرَّابِعَةُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ: بِهَا الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ، وَمِنْهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: إِنَّمَا تَرَكَ الدُّعَاءَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ لِيَضْعُفُوا عَنِ الشَّرِّ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعٌ فِي جِهَتِهِمْ لِاسْتِيلَاءِ الشَّيْطَانِ بِالْفِتَنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: قَرْنُ الشَّمْسِ فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لِلشَّمْسِ قَرْنٌ حَقِيقَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْقَرْنِ قُوَّةَ الشَّيْطَانِ وَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْإِضْلَالِ، وَهَذَا أَوْجَهُ، وَقِيلَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَقْرِنُ رَأْسَهُ بِالشَّمْسِ عِنْدَ طُلُوعِهَا لِيَقَعَ سُجُودُ عَبَدَتِهَا لَهُ.

قِيلَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلشَّمْسِ شَيْطَانٌ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَيْنَ قَرْنَيْهِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْقَرْنُ الْأُمَّةُ مِنَ النَّاسِ يَحْدُثُونَ بَعْدَ