للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي إِيَّاهُ لِعَلِيٍّ؛ فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ إِظْهَارُ الْمَعْلُومِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ أَبِي غَنِيَّةَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ؛ هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُمَيْدٍ، مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ، وَالْحَكَمُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (قَامَ عَمَّارٌ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ) هَذَا طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِهِ تَقْوِيَةَ حَدِيثِ أَبِي مَرْيَمَ لِكَوْنِهِ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ عَنْهُ أَبُو حُصَيْنٍ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنِ الْحَكَمِ، شُعْبَةُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ، عَمَّارًا، وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَذَكَرَهُ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أنَّ عَمَّارًا كَانَ صَادِقَ اللَّهْجَةِ وَكَانَ لَا تَسْتَخْفِهِ الْخُصُومَةُ إِلَى أَنْ يَنْتَقِصَ خَصْمَهُ، فَإِنَّهُ شَهِدَ لِعَائِشَةَ بِالْفَضْلِ التَّامِّ مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْحَرْبِ، انْتَهَى. وَفِيهِ جَوَازُ ارْتِفَاعِ ذِي الْأَمْرِ فَوْقَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ وَأَعْظَمُ سَابِقَةً فِي الْإِسْلَامِ وَفَضْلًا، لِأَنَّ الْحَسَنَ وَلَدُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ حِينَئِذٍ هُوَ الْأَمِيرُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُمْ عَلِيٌّ، وَعَمَّارٌ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، فَصَعِدَ الْحَسَنُ أَعْلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ فَوْقَ عَمَّارٍ وَإِنْ كَانَ فِي عَمَّارٍ مِنَ الْفَضْلِ مَا يَقْتَضِي رُجْحَانُهُ فَضْلًا عَنْ مُسَاوَاتِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَمَّارٌ فَعَلَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا مَعَ الْحَسَنِ وَإِكْرَامًا لَهُ مِنْ أَجْلِ جَدِّهِ وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ مُطَاوَعَةً لَهُ لَا تَكَبُّرًا عَلَيْهِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي مَسْعُودٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْعَةِ الْجَمَلِ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ مُرَّةَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَكَذَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.

قَوْلُهُ: (حَيْثُ بَعَثَهُ عَلِيٌّ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُهُمْ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: حِينَ بَدَلَ: حَيْثُ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: يَسْتَنْفِرُ أَهْلَ الْكُوفَةِ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ.

قَوْلُهُ: (مَا رَأَيْنَاكَ أَتَيْتَ أَمْرًا أَكْرَهُ عِنْدَنَا مِنْ إِسْرَاعِكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ) زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى خِطَابَ عَمَّارٍ ذَلِكَ هُوَ أَبُو مَسْعُودٍ وَهُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ يَلِي لِعَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ كَمَا كَانَ أَبُو مُوسَى يَلِي لِعُثْمَانَ.

قَوْلُهُ: (وَكَسَاهُمَا حُلَّةً) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَكَسَاهُمَا حُلَّةً حُلَّةً وَبَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ أَنَّ فَاعِلَ كَسَا هُوَ أَبُو مَسْعُودٍ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُحْتَمَلٌ فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَاحُوا إِلَى الْمَسْجِدِ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: فَقَامَ أَبُو مَسْعُودٍ فَبَعَثَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُلَّةً. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِيمَا دَارَ بَيْنَهُمْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ كَانَ مُجْتَهِدًا وَيَرَى أَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ مُوسِرًا جَوَادًا، وَكَانَ اجْتِمَاعُهُمْ عِنْدَ أَبِي مَسْعُودٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَكَسَا عَمَّارًا حُلَّةً لِيَشْهَدَ بِهَا الْجُمُعَةَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ثِيَابِ السَّفَرِ وَهَيْئَةِ الْحَرْبِ، فَكَرِهَ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ فِي تِلْكَ الثِّيَابِ وَكَرِهَ أَنْ يَكْسُوَهُ بِحَضْرَةِ أَبِي مُوسَى وَلَا يَكْسُوَ أَبَا مُوسَى فَكَسَا أَبَا مُوسَى أَيْضًا.

وَقَوْلُهُ: أَعْيَبَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْعَيْبِ، وَجَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمُ الْإِبْطَاءَ وَالْإِسْرَاعَ عَيْبًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَعْتَقِدُهُ، فَعَمَّارٌ لِمَا فِي الْإِبْطَاءِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَتَرْكِ امْتِثَالِ ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾ وَالْآخَرَانِ لِمَا ظَهَرَ لَهُمَا مِنْ تَرْكِ مُبَاشَرَةِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ عَلَى رَأْيِ أَبِي مُوسَى فِي الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ تَمَسُّكًا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَمَا فِي حَمْلِ السِّلَاحِ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنَ الْوَعِيدِ، وَكَانَ عَمَّارٌ عَلَى رَأْيِ عَلِيٍّ فِي قِتَالِ الْبَاغِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالتَّمَسُّكِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾ وَحَمَلَ الْوَعِيدَ الْوَارِدَ فِي الْقِتَالِ عَلَى مَنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا عَلَى صَاحِبِهِ.

(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَبْلَ سِيَاقِ سَنَدِ ابْنِ أَبِي غَنِيَّةَ بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ، وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ فِيهِ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ فِي الْقِصَّةِ.