للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْبَيْتِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ سَبْطَ الرَّأْسِ، زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ: كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، يَعْنِي الْحَمَّامَ، وَفِي رِوَايَةِ حَنْظَلَةَ عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: يَسْكُبُ رَأْسُهُ أَوْ يَقْطُرُ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، وَفِي رِوَايَةِ حَنْظَلَةَ: فَقَالُوا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ.

قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: جَعْدٌ قَطَطٌ أَعْوَرُ، وَزَادَ شُعَيْبٌ: أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَفِي رِوَايَةِ حَنْظَلَةَ: وَرَأَيْتُ وَرَاءَهُ رَجُلًا أَحْمَرَ جَعْدَ الرَّأْسِ أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، فَفِي هَذِهِ الطُّرُقِ أَنَّهُ أَحْمَرُ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ آدَمُ جَعْدٌ، فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أُدْمَتُهُ صَافِيَةً، وَلَا يُنَافِي أَنْ يُوصَفَ مَعَ ذَلِكَ بِالْحُمْرَةِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأُدْمِ قَدْ تَحْمَرُّ وَجْنَتُهُ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ: مَمْسُوحُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى كَأَنَّهَا عَيْنُ أَبِي يَحْيَى شَيْخٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، انْتَهَى. وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ، ضَبَطَهُ ابْنُ مَاكُولَا، عَنْ جَعْفَرٍ الْمُسْتَغْفِرِيِّ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ) بِيَاءٍ غَيْرِ مَهْمُوزَةٍ أَيْ بَارِزَةٌ، وَلِبَعْضِهِمْ بِالْهَمْزِ، أَيْ ذَهَبَ ضَوْؤُهَا، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: رُوِّينَاهُ عَنِ الْأَكْثَرِ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَخْفَشُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا نَاتِئَةٌ نُتُوءَ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ أَخَوَاتِهَا، قَالَ: وَضَبَطَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِالْهَمْزِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ، فَقَدْ جَاءَ فِي آخَرَ أَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ مَطْمُوسَةٌ، وَلَيْسَتْ جَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً، وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا سَالَ مَاؤُهَا، وَهُوَ يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.

قُلْتُ: الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ يُوَافِقُهُ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَفْظُهُ: رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ بِفَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ جِيمٍ مِنَ الْفَحَجِ، وَهُوَ تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ السَّاقَيْنِ أَوِ الْفَخِذَيْنِ، وَقِيلَ: تَدَانِي صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ مَعَ تَبَاعُدِ الْعَقِبَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِي رِجْلِهِ اعْوِجَاجٌ، وَفِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: جَعْدٌ أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَتْ بِنَاتِئَةٍ بِنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ، وَلَا جَحْرَاءَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودٌ أَيْ عَمِيقَةٌ، وَبِتَقْدِيمِ الْحَاءِ أَيْ لَيْسَتْ مُتَصَلِّبَةً، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ سَمُر ةَ مِثْلُهُ، وَكِلَاهُمَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَلَكِنْ فِي حَدِيثِهِمَا: أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى. وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى.

وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَيَكُونُ أَرْجَحُ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ: تُصَحَّحُ الرِّوَايَتَانِ مَعًا بِأَنْ تَكُونَ الْمَطْمُوسَةُ وَالْمَمْسُوحَةُ هِيَ الْعَوْرَاءُ الطَّافِئَةُ بِالْهَمْزِ أَيِ الَّتِي ذَهَبَ ضَوْؤُهَا، وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ الَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ هِيَ الطَّافِيَةُ بِلَا هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى مَعًا فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ أَيْ مَعِيبَةٌ، فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ، وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ، فَإِحْدَاهُمَا مَعِيبَةٌ بِذَهَابِ ضَوْئِهَا حَتَّى ذَهَبَ إِدْرَاكُهَا، وَالْأُخْرَى بِنُتُوئِهَا انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: حَاصِلُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنَيِ الدَّجَّالِ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِمَا أَصَابَهَا حَتَّى ذَهَبَ إِدْرَاكُهَا، وَالْأُخْرَى بِأَصْلِ خَلْقِهَا مَعِيبَةٌ، لَكِنْ يُبْعِدُ هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنَيْهِ قَدْ جَاءَ وَصْفُهَا فِي الرِّوَايَةِ بِمِثْلِ مَا وُصِفَتْ بِهِ الْأُخْرَى مِنَ الْعَوَرِ فَتَأَمَّلْهُ.

وَأَجَابَ صَاحِبُهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ بِأَنَّ الَّذِي تَأَوَّلَهُ الْقَاضِي صَحِيحٌ، فَإِنَّ الْمَطْمُوسَةَ وَهِيَ الَّتِي لَيْسَتْ نَاتِئَةً وَلَا جَحْرَاءَ هِيَ الَّتِي فَقَدَتِ الْإِدْرَاكَ، وَالْأُخْرَى وُصِفَتْ بِأَنَّ