عَلَيْهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ: فَأَخَذَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ وَهِيَ غَبْرَاءُ ذَاتُ دُخَانٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ: فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّهُ قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ، زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ذَلِكَ الرَّجُلُ أَقْرَبُ أُمَّتِي مِنِّي، وَأَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ: هَذَا أَعْظَمُ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأةَ، عَنْ عَطِيَّةَ أَنَّهُ يُذْبَحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَعُودُ لِيَذْبَحَهُ الرَّابِعَةَ، فَيَضْرِبُ اللَّهُ عَلَى حَلْقِهِ بِصَفِيحَةِ نُحَاسٍ، فَلَا يَسْتَطِيعُ ذَبْحَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ.
وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ يَدْعُو بِرَجُلٍ لَا يُسَلِّطُهُ اللَّهُ إِلَّا عَلَيْهِ فَذَكَرَ نَحْوَ رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ، وَفِي آخِرِهِ: فَيَهْوِي إِلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَلَا يَسْتَطِيعُهُ فَيَقُولُ: أَخِّرُوهُ عَنِّي، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعْتَمِرٍ: ثُمَّ يَدْعُو بِرَجُلٍ فِيمَا يَرَوْنَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَقْطَعُ أَعْضَاءَهُ كُلَّ عُضْوٍ عَلَى حِدَةٍ، فَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ، ثُمَّ يَجْمَعُهَا، ثُمَّ يَضْرِبُ بِعَصَاهُ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَيَقُولُ: أَنَا اللَّهُ الَّذِي أُمِيتُ وَأُحْيِي، قَالَ: وَذَلِكَ كُلُّهُ سِحْرٌ سَحَرَ أَعْيُنَ النَّاسِ لَيْسَ يَعْمَلُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. وَهُوَ سَنَدٌ ضَعِيفٌ جِدًّا.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى مِنَ الزِّيَادَةِ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كُنَّا نَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لِمَا نَعْلَمُ مِنْ قُوَّتِهِ وَجَلَدِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَقِبَ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ كَذَا أَطْلَقَ فَظَنَّ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَ هُوَ السَّبِيعِيُّ أَحَدَ الثِّقَاتِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يُصِبْ فِي ظَنِّهِ فَإِنَّ السَّنَدَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَجْرِ لِأَبِي إِسْحَاقَ فِيهِ ذِكْرٌ، وَإِنَّمَا أَبُو إِسْحَاقَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الزَّاهِدُ، رَاوِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ عِيَاضٌ، وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَذْكِرَتِهِ أَيْضًا قَبْلُ، فَكَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي: السَّبِيعِيُّ سَبْقُ قَلَمٍ، وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَعْمَرٌ فِي جَامِعِهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: قَالَ مَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ الدَّجَّالَ، الْخَضِرُ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الْخَضِرُ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ هُوَ الْخَضِرُ، وَهَذِهِ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ لَهَا. قُلْتُ: وَقَدْ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَفَعَهُ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ: لَعَلَّهُ أَنْ يُدْرِكَهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي أَوْ سَمِعَ كَلَامِي الْحَدِيثَ.
وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا: شَابٌّ مُمْتَلِئٌ شَبَابًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ خَصَائِصِ الْخَضِرِ أَنْ لَا يَزَالَ شَابًّا، وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ. تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي فَضَائِلِ الْمَدِينَةِ أَوَاخِرَ كِتَابِ الْحَجِّ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَرِدُ كُلَّ بَلْدَةٍ غَيْرَ هَاتَيْنِ الْبَلْدَتَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِهِ كَالسَّنَةِ وَيَوْمٌ كَالشَّهْرِ وَيَوْمٌ كَالْجُمْعَةِ، وَبَقِيَّةُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِنَحْوِهِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، وَلَفْظُهُ: تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ طَيْبَةَ. الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ بِلَفْظِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، فَذَكَرَهُ، وَزَادَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَالسَّنَةِ يَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ، قَالَ: لَا أَقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ. وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ، لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا الْحَدِيثَ، وَالْجَزْمُ بِأَنَّهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا مُقَدَّمٌ عَلَى هَذَا التَّرْدِيدِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ: يَخْرُجُ - يَعْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute