للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ

٧١٤٥ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ أَنْ تُطِيعُونِي قَالُوا بَلَى قَالَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا نَارًا فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ فِرَارًا مِنْ النَّارِ أَفَنَدْخُلُهَا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتْ النَّارُ وَسَكَنَ غَضَبُهُ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ فَقَالَ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ.

قَوْلُهُ: بَابُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِإِمَامٍ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً) إِنَّمَا قَيَّدَهُ بِالْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ لِكُلِّ أَمِيرٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَمْرِ بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ أَنْ يَكُونَ مُؤَمَّرًا مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ. وَذَكَرَ فِيهِ أربعة أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ، وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ التَّصْرِيحُ بِقَوْلِ شُعْبَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ.

قَوْلُهُ (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ جُعِلَ عَامِلًا بِأَنْ أُمِّرَ إِمَارَةً عَامَّةً عَلَى الْبَلَدِ مَثَلًا أَوْ وَلِيَ فِيهَا وِلَايَةً خَاصَّةً كَالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ جِبَايَةِ الْخَرَاجِ أَوْ مُبَاشَرَةِ الْحَرْبِ، فَقَدْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ وَمَنْ يَخْتَصُّ بِبَعْضِهَا.

قَوْلُهُ (حَبَشِيٌّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَمَضَى فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ إِمَامَةِ الْعَبْدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِلَفْظِ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ وَفِيهِ بَعْدَ بَابٍ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ: قَالَ النَّبِيُّ لِأَبِي ذَرٍّ: اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الرَّبَذَةِ فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ لِأَجْلِ أَبِي ذَرٍّ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَوْصَانِي خَلِيلِي فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَظَهَرَتْ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ أَبِي ذَرٍّ بِالْأَمْرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ عُمُومًا ; وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ) وَاحِدَةُ الزَّبِيبِ الْمَأْكُولِ الْمَعْرُوفِ الْكَائِنِ مِنَ الْعِنَبِ إِذَا جَفَّ، وَإِنَّمَا شَبَّهَ رَأْسَ الْحَبَشِيِّ بِالزَّبِيبَةِ لِتَجَمُّعِهَا وَلِكَوْنِ شَعْرِهِ أَسْوَدَ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ فِي الْحَقَارَةِ وَبَشَاعَةِ الصُّورَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: قَوْلُهُ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعْمَلُ لِلْعَبْدِ إِلَّا إِمَامٌ قُرَشِيٌّ، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي قُرَيْشٍ، وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الْعَبِيدِ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُسَمَّى عَبْدًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ بِطَرِيقِ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا لَوْ تَغَلَّبَ عَبْدٌ حَقِيقَةً بِطَرِيقِ الشَّوْكَةِ، فَإِنَّ طَاعَتَهُ تَجِبُ إِخْمَادًا لِلْفِتْنَةِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَعْصِيَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ إِذَا اسْتَعْمَلَ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ عَلَى إِمَارَةِ بَلَدٍ مَثَلًا وَجَبَتْ طَاعَتُهُ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ يَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِمَا لَا يَقَعُ فِي الْوُجُودِ، يَعْنِي وَهَذَا مِنْ ذَاكَ أَطْلَقَ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ مُبَالَغَةً فِي الْأَمْرٍ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ شَرْعًا أَنْ