للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالِدُهُ رَئِيسَ الْخَزْرَجِ. وَصَنِيعُ التِّرْمِذِيِّ يُوهِمُ أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ حَدِيثَ الْبَابِ فِي مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَلَا يُغْتَرُّ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: فَائِدَةُ تَكْرَارِ لَفْظِ الْكَوْنِ إِرَادَةُ بَيَانِ الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ انْتَهَى. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ بِلَفْظِ كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ فَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ.

قَوْلُهُ: (بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرُطَةِ مِنَ الْأَمِيرِ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ لِمَا يُنَفِّذُ مِنْ أُمُورِهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُدْرَجَةٌ مِنْ كَلَامِ الْأَنْصَارِيِّ، بَيَّنَ ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ إِلَى قَوْلِهِ الْأَمِيرِ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: لِمَا يَلِي مِنْ أُمُورِهِ وَقَدْ خَلَتْ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا، وَقَدْ تَرْجَمَ ابْنُ حِبَّانَ لِهَذَا الْحَدِيثِ احْتِرَازُ الْمُصْطَفَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَلَى سَبِيلِ الْوَظِيفَةِ الرَّاتِبَةِ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَنْصَارِيُّ رَاوِي الْحَدِيثِ؛ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا زَادَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ. قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فِي مُقَدِّمَتِهِ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ مِنَ الْأَمِيرِ، فَكَلَّمَ سَعْدٌ النَّبِيَّ فِي قَيْسٍ أَنْ يَصْرِفَهُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى شَيْءٍ فَصَرَفَهُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ بِمِثْلِ لَفْظِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ بِدُونِ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِي آخِرِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَشُكَّ فِي كَوْنِهِ عَنْ أَنَسٍ.

قُلْتُ: وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ آدَمَ ابْنِ بِنْتِ السَّمَّانِ، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدِ الْهَيْثَمُ وَلَا شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ بِطُولِهِ، فَكَأَنَّ الْقَدْرَ الْمُحَقَّقَ وَصْلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَأَكْثَرُ مَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَكَانَ الْأَنْصَارِيُّ يَتَرَدَّدُ فِي وَصْلِهَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ إِلَّا فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ مَعَ ذَلِكَ فِيهَا. وَالشُّرُطَةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا شُرُطِيٌّ بِضَمَّتَيْنِ، وَقَدْ تُفْتَحُ الرَّاءُ فِيهِمَا هُمْ أَعْوَانُ الْأَمِيرِ، وَالْمُرَادُ بِصَاحِبِ الشُّرُطَةِ كَبِيرُهُمْ، فَقِيلَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رُذَالَةُ الْجُنْدِ، وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ: وَلَا الشُّرَطِ اللَّئِيمَةِ أَيْ رَدِيءِ الْمَالِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُمُ الْأَشِدَّاءُ الْأَقْوِيَاءُ مِنَ الْجُنْدِ، ومِنْهُ فِي حَدِيثِ الْمَلَاحِمِ وَتُشْتَرَطُ شُرُطَةٌ لِلْمَوْتِ أَيْ مُتَعَاقِدُونَ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا وَلَوْ مَاتُوا. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: شُرَطُ كُلِّ شَيْءٍ خِيَارُهُ وَمِنْهُ الشُّرَطُ لِأَنَّهُمْ نُخْبَةُ الْجُنْدِ. وَقِيلَ هُمْ أَوَّلُ طَائِفَةٍ تَتَقَدَّمُ الْجَيْشَ وَتَشْهَدُ الْوَقْعَةَ، وَقِيلَ سُمُّوا شُرَطًا؛ لِأَنَّ لَهُمْ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا مِنْ هَيْئَةٍ وَمَلْبَسٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَصْمَعِيِّ، وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ أَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ لِذَلِكَ.

يُقَالُ: أَشَرَطَ فُلَانٌ نَفْسَهُ لِأَمْرِ كَذَا إِذَا أَعَدَّهَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّرِيطِ وَهُوَ الْحَبْلُ الْمُبْرَمُ لِمَا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ. وَقَدِ اسْتُشْكِلَتْ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ، فَأَشَارَ الْكِرْمَانِيُّ إِلَى أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ الْحَاكِمِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ، وَهَذَا جَيِّدٌ إِنْ سَاعَدَتْهُ اللُّغَةُ، وَعَلَى هَذَا فَكَأَنَّ قَيْسًا كَانَ مِنْ وَظِيفَتِهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ بِأَمْرِهِ سَوَاءً كَانَ خَاصًّا أَمْ عَامًا، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ دُونَ بِمَعْنَى غَيْرَ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي لَا غَيْرَ. قُلْتُ: فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اسْتَعْمَلَ فِي التَّرْجَمَةِ دُونَ فِي مَعْنَيَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ تَشْبِيهُ مَا مَضَى بِمَا حَدَثَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الشُّرُطَةِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُمَّالِ وَإِنَّمَا حَدَثَ فِي دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ فَأَرَادَ أَنَسٌ تَقْرِيبَ