للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ.

قَوْلُهُ (بَابُ مَنْ قَضَى وَلَاعَنَ فِي الْمَسْجِدِ) الظَّرْفُ يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرَيْنِ فَهُوَ مِنْ تَنَازُعِ الْفِعْلَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَضَى لِدُخُولِ لَاعَنَ فِيهِ فَإِنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَلَاعَنَ حَكَمَ بِإِيقَاعِ التَّلَاعُنِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَهُوَ مَجَازٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَاشِرَ تَلْقِينَهُمَا ذَلِكَ بِنَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَاعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ هَذَا أَبْلَغُ فِي التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى جَوَازِ اللِّعَانِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا خَصَّ عُمَرُ الْمِنْبَرَ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّحْلِيفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ أَبْلَغَ فِي التَّغْلِيظِ وَوَرَدَ فِي التَّحْلِيفِ عِنْدَهُ حَدِيثُ جَابِرٍ: لَا يُحْلَفُ عِنْدَ مِنْبَرِي الْحَدِيثَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّغْلِيظُ فِي الْأَيْمَانِ بِالْمَكَانِ، وَقَاسُوا عَلَيْهِ الزَّمَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ عَظِيمٌ لِأَنَّ لِلْمُعَظَّمِ الَّذِي يُشَاهِدُهُ الْحَالِفُ تَأْثِيرًا فِي التَّوَقِّي عَنِ الْكَذِبِ.

قَوْلُهُ: (وَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ أَثَرٍ مَضَى فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ مَنْ وَصَلَهُ، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَفْظُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَقَضَى شُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الْمَسْجِدِ) أَمَّا أَثَرُ شُرَيْحٍ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ شُرَيْحًا يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ بُرْنُسُ خَزٍّ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ رَأَى شُرَيْحًا يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ. وَأَمَّا أَثَرُ الشَّعْبِيِّ فَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ فِي جَامِعِ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ جَلَدَ يَهُودِيًّا فِي قَرْيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ. وَأَمَّا أَثَرُ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ وَأَخْرَجَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ كَانَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَابْنُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ صَفْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ شُرَحْبِيلَ يَقْضُونَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ وَذَكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ الْحَسَنُ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى يَقْضِيَانِ فِي الرَّحَبَةِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ) الرَّحَبَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هِيَ بِنَاءٌ يَكُونُ أَمَامَ بَابِ الْمَسْجِدِ غَيْرُ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، هَذِهِ رَحَبَةُ الْمَسْجِدِ، وَوَقَعَ فِيهَا الِاخْتِلَافُ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ فِيهَا الِاعْتِكَافُ وَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمَسْجِدُ، فَإِنْ كَانَتِ الرَّحَبَةُ مُنْفَصِلَةٌ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ. وَأَمَّا الرَّحْبَةُ بِسُكُونِ الْحَاءِ فَهِيَ مَدِينَةٌ مَشْهُورَةٌ. وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّحَبَةِ هُنَا الرَّحَبَةُ الْمَنْسُوبَةُ لِلْمَسْجِدِ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ، وَزُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يَقْضِيَانِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَخْرَجَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ الْحَسَنَ، وَزُرَارَةَ، وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ لِلْقَضَاءِ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسُوا. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَال: قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، وَلَفْظُهُ: شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ مُطَوَّلًا وَتَقَدَّمَتْ فَوَائِدُهُ هُنَاكَ.

ثَانِيهُمَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا أَيْضًا، وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ فَذَكَرَهُ إِلَى قَوْلِهِ أَيَقْتُلُهُ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا وَشَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: اسْتَحَبَّ الْقَضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ طَائِفَةٌ، وَقَالَ مَالِكٌ