ﷺ فَقَرَأَ عَلَيْنَا ﴿أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ وَنَهَانَا عَنْ النِّيَاحَةِ فَقَبَضَتْ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ فُلَانَةُ أَسْعَدَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَمَا وَفَتْ امْرَأَةٌ إِلاَّ أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلَاءِ وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوْ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ
قَوْلُهُ: بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ) ذَكَرَ فِيهِ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ، الْأَوَّلُ:
قَوْلُهُ: (رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ شَهِدْتُ الْفِطْرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يَجْلِسُ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلَالٌ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ﴾ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا: أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فَوَائِدُهُ هُنَاكَ فِي تَفْسِيرِ الْمُمْتَحَنَةِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي مُبَايَعَتِهمُ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى مِثْلِ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ أَوَائِلَ الْكِتَابِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ وَإِلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ أَشَارَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: أَدْخَلَ حَدِيثَ عُبَادَةَ فِي تَرْجَمَةِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَعُرِفَتْ بِهِنَّ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي الرِّجَالِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ إِلَى عَائِشَةَ قَالَتْ. جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ - أَيِ ابْنِ رَبِيعَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أُخْتُ هِنْدِ بِنْتِ عُقبَةَ - تُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَزْنِيَ، فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: بَايِعِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعْنَاهُ إِلَّا عَلَى هَذَا قَالَتْ: فَنَعَمْ إِذًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ وَفِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ زِيَادَةٌ غَيْرُ الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا هُنَا مِنْ عِنْدَ الْبَزَّارِ.
قَوْلُهُ: قَالَتْ وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَدَ امْرَأَةٍ إِلَّا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا هَذَا الْقَدْرُ أَفْرَدَهُ النَّسَائِيُّ فَأَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ لَكِنْ مَا مَسَّ وَقَالَ: يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكَذَا أَفْرَدَهُ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: مَا مَسَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ امْرَأَةً قَطُّ، إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا فَإِذَا أَخَذَ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ قَالَ: اذْهَبِي فَقَدْ بَايَعْتُكِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: مَا مَسَّ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَلَكِنْ يَأْخُذُ عَلَيْهَا الْبَيْعَةَ. ثُمَّ يَقُولُ لَهَا اذْهَبِي إِلَخْ. قَالَ: وَهَذَا التَّقْدِيرُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا بُدَّ مِنْهُ انْتَهَى.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي تَفْسِيرِ الْمُمْتَحَنَةِ مَنْ خَالَفَ ظَاهِرَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، مِنَ اقْتِصَارِهِ فِي مُبَايَعَتِهِ ﷺ النِّسَاءَ عَلَى الْكَلَامِ ; وَمَا وَرَدَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِحَائِلٍ أَن بِوَاسِطَةٍ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ، وَيُعَكِّرُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ مِنَ التَّقْدِيرِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا، أَنَّ بَيْعَةَ النِّسَاءِ كَانَتْ أَيْضًا بِالْأَيْدِي فَتُخَالِفُ مَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ هَذَا الْحَصْرِ، وَأُجِيبَ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْحَائِلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُنَّ كُنَّ يُشِرْنَ بِأَيْدِيهِنَّ عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ بِلَا مُمَاسَّةٍ، وَقَدْ أَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا: إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ كَلَامَ الْأَجْنَبِيَّةِ مُبَاحٌ سَمَاعُهُ، وَأَنَّ صَوْتَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَمَنَعُ لَمْسِ بَشَرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِذَلِكَ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: (عَنْ أَيُّوبَ) هُوَ السَّخْتِيَانِيُّ وَ (حَفْصَةُ) هِيَ بِنْتُ سِيرِينَ أُخْتُ مُحَمَّدٍ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ، وَتَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute