للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ، وَطَيِّئٌ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ بَعْدَهَا أُخْرَى مَهْمُوزَةٌ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْقَبَائِلُ ارْتَدُّوا بَعْدَ النَّبِيِّ وَاتَّبَعُوا طُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيَّ، وَكَانَ قَدِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ بَعْدَ النَّبِيِّ فَأَطَاعُوهُ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ فَقَاتَلَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ مُسَيْلِمَةَ بِالْيَمَامَةِ، فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِمْ بَعَثُوا وَفْدَهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ ذَكَرَ قِصَّتَهُمُ الطَّبَرِيُّ، وَغَيْرُهُ فِي أَخْبَارِ الرِّدَّةِ، وَمَا وَقَعَ مِنْ مُقَاتَلَةِ الصَّحَابَةِ لَهُمْ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِ الْأَمَاكِنِ أَنَّ بُزَاخَةَ مَاءٌ لِطَيِّئٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، وَلِبَنِي أَسَدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو يَعْنِي الشَّيْبَانِيَّ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ رَمْلَةٌ مِنْ وَرَاءِ النِّبَاجِ، انْتَهَى. وَالنِّبَاجُ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ خَفِيفَةٍ ثُمَّ جِيمٍ مَوْضِعٌ فِي طَرِيقِ الْحَاجِّ مِنَ الْبَصْرَةِ.

قَوْلُهُ: تَتَّبِعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ إِلَخْ كَذَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْقِطْعَةَ مِنَ الْخَبَرِ مُخْتَصَرَةً، وَلَيْسَ غَرَضُهُ مِنْهَا إِلَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ نَبِيِّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ، وَقَدْ أَوْرَدَهَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ، وَسَاقَهَا الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَلَفْظُهُ الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: جَاءَ وَفْدُ بُزَاخَةَ مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْحَرْبِ الْمُجْلِيَةِ وَالسِّلْمِ الْمُخْزِيَةِ، فَقَالُوا: هَذِهِ الْمُجْلِيَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا الْمُخْزِيَةُ، قَالَ: نَنْزِعُ مِنْكُمُ الْحَلْقَةَ وَالْكُرَاعَ وَنَغْنَمُ مَا أَصَبْنَا مِنْكُمْ، وَتَرُدُّونَ عَلَيْنَا مَا أَصَبْتُمْ مِنَّا وَتَدُونَ لَنَا قَتْلَانَا، وَيَكُونُ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ، وَتَتْرُكُونَ أَقْوَامًا يَتَّبِعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ حَتَّى يُرِيَ اللَّهُ خَلِيفَةَ رَسُولِهِ وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذُرُونَكُمْ بِهِ، فَعَرَضَ أَبُو بَكْرٍ مَا قَالَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا وَسَنُشِيرُ عَلَيْكَ، أَمَّا مَا ذَكَرْتَ - فَذَكَرَ الْحُكْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ - قَالَ: فَنِعْمَ مَا ذَكَرْتَ، وَأَمَّا تَدُونَ قَتْلَانَا وَيَكُونُ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ، فَإِنَّ قَتْلَانَا قَاتَلَتْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَأُجُورُهَا عَلَى اللَّهِ لَيْسَتْ لَهَا دِيَاتٌ قَالَ: فَتَتَابَعَ الْقَوْمُ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ. قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: اخْتَصَرَهُ الْبُخَارِيُّ فَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ لَهُمْ: يَتَّبِعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ - إِلَى قَوْلِهِ - يَعْذُرُونَكُمْ بِهِ وَأَخْرَجَهُ بِطُولِهِ الْبَرْقَانِيُّ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْهُ، انْتَهَى.

مُلَخَّصًا. وَذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ مُطَوَّلًا أَيْضًا لَكِنْ قَالَ فِيهِ: وَفْدُ بُزَاخَةَ وَهُمْ مِنْ طَيِّئٍ وَقَالَ فِيهِ: فَخَطَبَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ فَذَكَرَ مَا قَالُوا، وَقَالَ: وَالْبَاقِي سَوَاءٌ، وَالْمُجْلِيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا لَامٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ مِنَ الْجَلَاءِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ مَعَ الْمَدِّ وَمَعْنَاهَا: الْخُرُوجُ عَنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَالْمُخْزِيَةُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَزَايٍ بِوَزْنِ الَّتِي قَبْلَهَا: مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْخِزْيِ، وَمَعْنَاهَا: الْقَرَارُ عَلَى الذُّلِّ وَالصَّغَارِ، وَالْحَلْقَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا قَافٌ: السِّلَاحُ، وَالْكُرَاعُ بِضَمِّ الْكَافِ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِتَخْفِيفِ الرَّاءِ: جَمِيعُ الْخَيْلِ.

وَفَائِدَةُ نَزْعِ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَنْ لَا يَبْقَى لَهُمْ شَوْكَةٌ لِيَأْمَنَ النَّاسُ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَقَوْلُهُ: وَنَغْنَمُ مَا أَصَبْنَا مِنْكُمْ أَيْ يَسْتَمِرُّ ذَلِكَ لَنَا غَنِيمَةً نَقْسِمُهَا عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَا نَرُدُّ عَلَيْكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقَوْلُهُ: وَتَرُدُّونَ عَلَيْنَا مَا أَصَبْتُمْ مِنَّا أَيْ مَا انْتَهَبْتُمُوهُ مِنْ عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ فِي حَالَةِ الْمُحَارَبَةِ، وَقَوْلُهُ: تَدُونَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمَضْمُومَةِ: أَيْ تَحْمِلُونَ إِلَيْنَا دِيَاتِهِمْ، وَقَوْلُهُ: قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ أَيْ لَا دِيَاتَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى شِرْكِهِمْ، فَقُتِلُوا بِحَقٍّ فَلَا دِيَةَ لَهُمْ، وَقَوْلُهُ وَتُتْرَكُونَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَيَتَّبِعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ أَيْ فِي رِعَايَتِهَا؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا نُزِعَتْ مِنْهُمْ آلَةُ الْحَرْبِ رَجَعُوا أَعْرَابًا فِي الْبَوَادِي لَا عَيْشَ لَهُمْ إِلَّا مَا يَعُودُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَافِعِ إِبِلِهِمْ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: كَانُوا ارْتَدُّوا ثُمَّ تَابُوا، فَأَوْفَدُوا رُسُلَهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ فَأَحَبَّ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يَقْضِيَ بَيْنَهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْمُشَاوَرَةِ فِي أَمْرِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: ارْجِعُوا