وَقَوْلُهُ فِي السَّنَدِ وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيَّ أَمِيرَ مِصْرَ وَطَرِيقُهُ الْمَذْكُورَةُ وَصَلَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي بَعْضِ فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْجَدْرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَسُكُونِ الدَّالِ، وَالْمُرَادُ الْحِجْرُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الْجِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي: كِتَابِ الْحَجِّ مُسْتَوْفًى. وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا: وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ كَذَا وَقَعَ مَحْذُوفُ الْجَوَابِ وَتَقْدِيرُهُ: لَفَعَلْتُ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ هُنَا بَعْدَهُ، وَهُوَ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حَدِيثُ أَنَسٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا مُعَلَّقًا قَائِلًا: تَابَعَهُ أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ فِي الشُّعَبِ ; يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ أَيْضًا بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ: مَقْصُودُ الْبُخَارِيِّ بِالتَّرْجَمَةِ وَأَحَادِيثِهَا أَنَّ النُّطْقَ بِلَوْ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: مِنَ اللَّوْ فَأَشَارَ إِلَى التَّبْعِيضِ وَوُرُودُهَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَلِذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ: وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ دَلَّ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ أَنْ يَقُولَ: ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ وَقَوْلُهُ ﷺ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: وَرَجُلٌ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ آتَانِي مِثْلَ مَا آتَى فُلَانًا لَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا عَمِلَ عَلَى أَنَّ لَوْ لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ، وَدَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ وَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ عَلَى مَا يُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: وَوَجَدْنَا الْعَرَبَ تَذُمُّ اللَّوْ وَتُحَذِّرُ مِنْهُ فَتَقُولُ احْذَرِ اللَّوْ وَإِيَّاكَ وَلَوْ، يُرِيدُونَ قَوْلَهُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا خَيْرٌ لَعَمِلْتُهُ وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ: أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ أَصَابَكَ لَوْ فَعَلْتُ كَذَا أَيْ لَكَانَ كَذَا.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَدْ تَأَمَّلْتُ اقْتِرَانَ قَوْلِهِ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ بِقَوْلِهِ: وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَوَجَدْتُ الْإِشَارَةَ إِلَى مَحَلِّ لَوِ الْمَذْمُومَةِ، وَهِيَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ مَا دَامَ فِعْلُ الْخَيْرِ مُمْكِنًا فَلَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ فَقْدِ شَيْءٍ آخَرَ، فَلَا تَقُولُ: لَوْ أَنَّ كَذَا كَانَ مَوْجُودًا لَفَعَلْتُ كَذَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ ذَاكَ، بَلْ يَفْعَلُ الْخَيْرَ وَيَحْرِصُ عَلَى عَدَمِ فَوَاتِهِ، وَالثَّانِي: مَنْ فَاتَهُ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَلَا يَشْغَلْ نَفْسَهُ بِالتَّلَهُّفِ عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَقَادِيرِ، وَتَعْجِيلِ تَحَسُّرٍ لَا يُغْنِي شَيْئًا، وَيَشْتَغِلُ بِهِ عَنِ اسْتِدْرَاكِ مَا لَعَلَّهُ يُجْدِي، فَالذَّمُّ رَاجِعٌ فِيمَا يَئُولُ فِي الْحَالِ إِلَى التَّفْرِيطِ، وَفِيمَا يَئُولُ فِي الْمَاضِي إِلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْقَدْرِ وَهُوَ أَقْبَحُ مِنَ الْأَوَّلِ، فَإِنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ الْكَذِبُ فَهُوَ أَقْبَحُ، مِثْلَ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ﴾ وَقَوْلِهِمْ: ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ وَكَذَا قَوْلُهُمْ: ﴿لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾ ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ لَوِ الَّتِي مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ﴾، ﴿وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ وَنَحْوِهِمَا فَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِهِ، وَأَمَّا الَّتِي لِلرَّبْطِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا، وَلَا الْمَصْدَرِيَّةُ إِلَّا إِنْ كَانَ مُتَعَلَّقُهَا مَذْمُومًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا﴾؛ لِأَنَّ الَّذِي وَدُّوهُ وَقَعَ خِلَافُهُ، انْتَهَى. مُلَخَّصًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute