للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَصُّوهُ بِالْقَهْقَهَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ) أَيِ: ابْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالتَّعْلِيقُ عَنْهُ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَالْمُخَالِفُ فِي ذَلِكَ مُجَاهِدٌ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادٌ قَالُوا: مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ أَوْ جَزَّ شَارِبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ اسْتَقَرَّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَأَمَّا التَّعْلِيقُ عَنْهُ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَقَتَادَةُ، وَعَطَاءٌ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَدَاوُدُ، وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ عَلَى قَوْلَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ عَلَى إِيجَابِ الْمُوَالَاةِ وَعَدَمِهَا، فَمَنْ أَوْجَبَهَا، قال: يَجِبُ اسْتِئْنَافُ الْوُضُوءِ إِذَا طَالَ الْفَصْلُ، وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا، قال: يَكْتَفِي بِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ (١): أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَإِنْ لَمْ تَجِبِ الْمُوَالَاةُ، وَعَنِ اللَّيْثِ عَكْسُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) وَصَلَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْهُ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ مَرْفُوعًا، وَزَادَ أَوْ رِيحٍ.

قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ) وَصَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، قال: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ مُطَوَّلًا. وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَشَيْخُهُ صَدَقَةُ ثِقَةٌ، وَعَقِيلٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَا أَعْرِفُ رَاوِيًا عَنْهُ غَيْرَ صَدَقَةَ، وَلِهَذَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ الْمُصَنِّفُ، أَوْ لِكَوْنِهِ اخْتَصَرَهُ، أَوْ لِلْخِلَافِ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ.

قَوْلُهُ: (فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَرُمِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ.

قَوْلُهُ: (رَجُلٌ) تَبَيَّنَ مِنْ سِيَاقِ الْمَذْكُورِينَ سَبَبُ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَمُحَصَّلُهَا أَنَّ النَّبِيَّ نَزَلَ بِشِعْبٍ، فَقَالَ: مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَبَاتَا بِفَمِ الشِّعْبِ فَاقْتَسَمَا اللَّيْلَ لِلْحِرَاسَةِ، فَنَامَ الْمُهَاجِرِيُّ وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْعَدُوِّ فَرَأَى الْأَنْصَارِيَّ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَصَابَهُ فَنَزَعَهُ وَاسْتَمَرَّ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ رَمَاهُ بِثَانٍ فَصَنَعَ كَذَلِكَ، ثُمَّ رَمَاهُ بِثَالِثٍ فَانْتَزَعَهُ وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَقَضَى صَلَاتَهُ، ثُمَّ أَيْقَظَ رَفِيقَهُ. فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِ مِنَ الدِّمَاءِ، قال لَهُ: لِمَ لَا أَنْبَهْتَنِي أَوَّلَ مَا رَمَى؟ قال: كُنْتُ فِي سُورَةٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَقْطَعَهَا.

وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَسَمَّى الْأَنْصَارِيَّ الْمَذْكُورَ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ وَالْمُهَاجِرِيَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَالسُّورَةَ الْكَهْفَ.

قَوْلُهُ: (فَنَزَفَهُ)، قال ابْنُ طَرِيفٍ (٢) فِي الْأَفْعَالِ: يُقَالُ: نَزَفَهُ الدَّمُ وَأَنْزَفَهُ إِذَا سَالَ مِنْهُ كَثِيرًا حَتَّى يُضْعِفَهُ فَهُوَ نَزِيفٌ وَمَنْزُوفٌ. وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الرَّدَّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ الدَّمَ السَّائِلَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ مَضَى فِي صَلَاتِهِ مَعَ وُجُودِ الدَّمِ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَاجْتِنَابُ النَّجَاسَةِ فِيهَا وَاجِبٌ؟ أَجَابَ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ جَرَى مِنَ الْجِرَاحِ عَلَى سَبِيلِ الدَّفْقِ، بِحَيْثُ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا مِنْ ظَاهِرِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ، وَفِيهِ بُعْدُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ أَصَابَ الثَّوْبَ فَقَطْ فَنَزَعَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَسِلْ عَلَى جِسْمِهِ إِلَّا قَدْرٌ يَسِيرٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. ثُمَّ الْحُجَّةُ قَائِمَةٌ بِهِ عَلَى كَوْنِ خُرُوجِ الدَّمِ لَا يَنْقُضُ، وَلَوْ لَمْ يَظْهَرِ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِ الدَّمِ أَصَابَهُ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ كَانَ يَرَى أَنَّ خُرُوجَ الدَّمَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذَكَرَ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ أَثَرَ الْحَسَنِ وَهُوَ الْبَصْرِيُّ، قال: مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى وَجُرْحُهُ يَنْبُعُ دَمًا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ طَاوُسٌ) هُوَ ابْنُ كَيْسَانَ التَّابِعِيُّ الْمَشْهُورُ، وَأَثَرُهُ هَذَا وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَلَفْظُهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الدَّمِ وُضُوءًا، يَغْسِلُ عَنْهُ


(١) بهامش طبعة بولاق: في بعض النسخ: وقال البوطي"
(٢) هو عبد الملك بن طريف الأندلسي، مات في حدود الأربعمائة قاله السيوطي في بغية الوعا