وَتَفَهُّمِ مَعَانِيهِ.
وَالثَّانِي: خَشْيَةَ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَكْتُبُونَ فَإِذَا طَالَ الْعَهْدُ لَمْ يُؤْمَنِ النِّسْيَانُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ آخَرَ صَحِيحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عُمَرٍ قَالَ: أَقِلُّوا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.
وَقَوْلُهُ وَقَاعدت ابْنِ عُمَرَ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ جَلَسَ مَعَهُ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ.
وَقَوْلُهُ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ جَالَسْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً. فَيُجْمَعُ بِأَنَّ مُدَّةَ مُجَالَسَتِهِ كَانَتْ سَنَةً وَكَسْرًا فَأَلْغَى الْكَسْرُ تَارَةً وَجَبَرَهُ أُخْرَى، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ جَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِمَكَّةَ وَإِلَّا فَهُوَ كُوفِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ لَمْ تَكُنْ لَهُ إِقَامَةٌ بِالْكُوفَةِ.
قَوْلُهُ: فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ غَيْرَ هَذَا) أَشَارَ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَذْكُرَهُ وَكَأَنَّهُ اسْتَحْضَرَهُ بِذِهْنِهِ إِذْ ذَاكَ.
قَوْلُهُ (كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ) هَكَذَا أَوْرَدَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً، وَأَوْرَدَهَا فِي الذَّبَائِحِ مُبَيَّنَةً، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ هُنَاكَ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ: فَأَتَوْا بِلَحْمِ ضَبٍّ.
قَوْلُهُ (فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ هِيَ مَيْمُونَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ حَلَالٌ أَوْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ شَكَّ فِيهِ) هُوَ قَوْلُ شُعْبَةَ وَالَّذِي شَكَّ فِي أَيِّ اللَّفْظَيْنِ قَالَ: هُوَ تَوْبَةُ الرَّاوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ. بَيَّنَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ شُعْبَةَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى لَحْمِ الضَّبِّ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ مُسْتَوْفًى فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الضَّبِّ: لَا أُحِلُّهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ، وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ قَوْلَهُ هُنَا: فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي أَيْ لَيْسَ مِنَ الْمَأْلُوفِ لَهُ، فَلِذَلِكَ تَرَكَ أَكْلَهُ لَا لِكَوْنِهِ حَرَامًا.
خَاتِمَةٌ:
اشْتَمَلَ كِتَابُ الْأَحْكَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ التَّمَنِّي وَإِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةِ حَدِيثٍ وَثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا وَمَا فِي حُكْمِهِ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ طَرِيقًا وَسَائِرُهَا مَوْصُولٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهُ فِيهِ وَفِيمَا مَضَى مِائَةُ حَدِيثٍ وَتِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا ; وَالْخَالِصُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، شَارَكَهُ مُسْلِمٌ فِي تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ وَحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فِي الْبِطَانَةِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهَا وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي بَيْعَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَحَدِيثِ عُمَرَ فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ الثَّانِيَةِ، وَحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ وَفْدِ بُزَاخَةَ. وَفِي التَّمَنِّي سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا كُلُّهَا مُكَرَّرَةٌ مِنْهَا سِتَّةُ طُرُقٍ مُعَلَّقَةٍ وَفِي خَبَرِ الْوَاحِدِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا كُلُّهَا مُكَرَّرَةٌ مِنْهَا طَرِيقٌ وَاحِدٌ مُعَلَّقٌ، وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ أَثَرًا، وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.