للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَخْبَارُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ، لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ لَا بُدَّ مِنْهُ، أَيِ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ ﷿.

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى) هُوَ الْعَبْسِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ الْكُوفِيُّ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ تَابِعِيٌّ مَشْهُورٌ، وَشَيْخُ إِسْمَاعِيلَ قَيْسٌ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَهُوَ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ النَّبِيَّ وَلَمْ يَرَهُ. وَلِهَذَا الْإِسْنَادِ حُكْمُ الثُّلَاثِيَّاتِ وَإِنْ كَانَ رُبَاعِيًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْدَ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ بِبَابَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَنْزَلَ مِنْ هَذَا بِدَرَجَةٍ، وَرِجَالُ سَنَدِ الْبَابِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ لِأَنَّ الْمُغِيرَةَ وَلِيَ إِمْرَةَ الْكُوفَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا وَقَدِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَلَى أَنَّهُ عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، وَخَالَفَهُمْ أَبُو مُعَاوِيَةَ فَقَالَ عَنْ سَعِيدٍ بَدَلَ الْمُغِيرَةِ فَأَوْرَدَهُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيُّ فِي ذَمِّ الْكَلَامِ، وَقَالَ: الصَّوَابُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ، وَحَدِيثُ سَعْدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَكِنْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ.

قَوْلُهُ (لَا تَزَالُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَوَّلُهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ وَهَذِهِ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ لَكِنْ زَادَ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ.

قَوْلُهُ (حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ) أَيْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ أَيْ غَالِبُونَ، أَوِ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُسْتَتِرِينَ بَلْ مَشْهُورُونَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا تُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَلَهُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَقَدْ ذَكَرْتُ الْجَمْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْقِصَّةُ الَّتِي أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ، هُمْ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَدْعُونَ اللَّهَ بِشَيْءٍ إِلَّا رَدَّهُ عَلَيْهِمْ وَمُعَارَضَةُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَجَلْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ، فَلَا تَتْرُكُ نَفْسًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ.

وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى هَذَا قَرِيبًا في الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ قَبْضِ الْعِلْمِ وَأَنَّ هَذَا أَوْلَى مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَذَكَرْتُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الطَّبَرِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ السَّاعَةُ يَكُونُونَ بِمَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ، وَأَنَّ مَوْضِعًا آخَرَ يَكُونُ بِهِ طَائِفَةٌ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَوْرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ، وَزَادَ فِيهِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَذَكَرْتُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ: هُبُوبُ تِلْكَ الرِّيحِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقِيَامِ السَّاعَةِ: سَاعَتُهُمْ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينَ يَكُونُونَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ: الَّذِينَ يَحْصُرهُمُ الدَّجَّالُ إِذَا خَرَجَ فَيَنْزِلُ عِيسَى إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَيَظْهَرُ الدِّينُ فِي زَمَنِ عِيسَى، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ عِيسَى تَهُبُّ الرِّيحُ الْمَذْكُورَةُ، فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْجَمْعِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

٧٣١٢ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ، وَلَنْ يَزَالَ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. أَوْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ.

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَابْنُ وَهْبٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ، وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ، وَحُمَيْدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.

قَوْلُهُ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُ) فِي رِوَايَةِ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ وَقَدْ مَضَى فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ، وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ وَذَكَرَ حَدِيثًا وَلَمْ أَسْمَعْهُ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَى مِنْبَرِهِ حَدِيثًا غَيْرَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

قَوْلُهُ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ بِلَفْظِ وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَفِي فَرْضِ الْخُمُسِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ (وَلَنْ يَزَالَ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أَوْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ) فِي