للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَإِنْ كَانَتْ عَنْ مَجْهُولٍ لَكِنَّهَا مُتَابَعَةٌ، وَيُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأُصُولِ. قُلْتُ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُعْتَذَرُ بِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُبْهَمَ مَعْرُوفٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّهِ اخْتِصَارًا كَمَا اخْتَصَرَ السَّنَدَ فَعَلَّقَهُ، وَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ عُرْوَةُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي السَّنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ أَخْبَرَنِي مَحْمُودٌ فَيَكُونُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثَ مَحْمُودٍ وَعَطَفَ عَلَيْهِ حَدِيثَ عُرْوَةَ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ حَدِيثُ عُرْوَةَ مُعَلَّقًا بَلْ يَكُونُ مَوْصُولًا بِالسَّنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَصَنِيعُ أَئِمَّةِ النَّقْلِ يُخَالِفُ مَا زَعَمَهُ، وَاسْتَمَرَّ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى هَذَا التَّجْوِيزِ حَتَّى زَعَمَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ لِلْمِسْوَرِ، وَمَحْمُودِ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ هُوَ لِلْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ، وَهُوَ تَجْوِيزٌ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى النَّقْلِ فِي بَابِ النَّقْلِ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (كَانُوا يَقْتَتِلُونَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِلْبَاقِينَ كَادُوا بِالدَّالِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّمَا حَكَى ذَلِكَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ لَمَّا رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ لِيُعْلِمَهُمْ شِدَّةَ تَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ الْقِتَالَ مُبَالَغَةً.

بَاب

١٩٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، قال: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ الْجَعْدِ، قال: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَقِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ. ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ.

[الحديث ١٩٠ - أطرافه في: ٣٥٤٠، ٣٥٤١، ٦٣٥٢]

قَوْلُهُ: (بَابُ) كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي كَأَنَّهُ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَجَعَلَهُ الْبَاقُونَ مِنْهُ بِلَا فَصْلٍ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ) هُوَ أَبُو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِي أَحَدُ الْحُفَّاظِ.

قَوْلُهُ: (عَنِ الْجَعْدِ) كَذَا هُنَا، وَلِلْأَكْثَرِ الْجُعَيْدُ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ هَذَا مُبَيَّنًا فِي كِتَابِ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَقِعٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالتَّنْوِينِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَقَعَ بِلَفْظِ الْمَاضِي، وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَجَعٌ بِالْجِيمِ وَالتَّنْوِينِ، وَالْوَقْعُ وَجَعٌ فِي الْقَدَمَيْنِ.

قَوْلُهُ: (زِرُّ الْحَجَلَةِ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَالْحَجَلَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَاحِدَةُ الْحِجَالِ، وَهِيَ بُيُوتٌ تُزَيَّنُ بِالثِّيَابِ وَالْأَسِرَّةِ وَالسُّتُورِ لَهَا عُرًى وَأَزْرَارٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَجَلَةِ الطَّيْرُ وَهُوَ الْيَعْقُوبُ يُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنْهُ حَجَلَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِزِرِّهَا بَيْضَتُهَا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي صِفَةِ النَّبِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى رَدِّ قَوْلِ مَنْ قال بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَحَكَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ رَجَعَ عَنْهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: الْأُولَى: طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، الثَّانِيَةُ: نَجِسٌ نَجَاسَةً خَفِيفَةً وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ، الثَّالِثَةُ: نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ اللُّؤْلُؤِيِّ عَنْهُ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّجِسَ لَا يُتَبَرَّكُ بِهِ، وَحَدِيثُ الْمَجَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْوُضُوءِ لَكِنَّ تَوْجِيهَهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إِذَا عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مَاءٌ مُضَافٌ، قِيلَ لَهُ: هُوَ مُضَافٌ إِلَى طَاهِرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي خَالَطَهُ الرِّيقُ طَاهِرٌ لِحَدِيثِ الْمَجَّةِ، وَأَمَّا مَنْ عَلَّلَهُ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مَاءُ الذَّنُوبِ فَيَجِبُ إِبْعَادُهُ مُحْتَجًّا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ