كَسَيْرِ السُّعَاةِ، وَلَوْلَا التَّحْدِيدُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِينَ لَحَمَلْنَا السَّبْعِينَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، فَلَا تُنَافِي الْخَمْسَمِائَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنِ الْفَوْقِيَّةِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.
وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِنَصْبِ فَوْقَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي قَبْلَ هَذَا، وَحَكَى فِي الْمَشَارِقِ أَنَّ الْأَصِيلِيَّ ضَبَطَهُ بِالرَّفْعِ بِمَعْنَى أَعْلَاهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَطَالِعِ، وَقَالَ: إِنَّمَا قَيَّدَهُ الْأَصِيلِيُّ بِالنَّصْبِ كَغَيْرِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: فَوْقَهُ لِلْفِرْدَوْسِ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: بَلْ هُوَ رَاجِعُ إِلَى الْجَنَّةِ كُلِّهَا، وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ هُنَا، وَمِنْهُ: تَفَجَّرُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ لِلْفِرْدَوْسِ جَزْمًا وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ لِلْجِنَانِ كُلِّهَا وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَمِنْهَا تَفَجَّرُ؛ لِأَنَّهَا خَطَأٌ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ: وَمِنْهُ بِالضَّمِيرِ الْمُذَكَّرِ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَفِي تَفْسِيرِ سُورَةِ يَسْ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا إِثْبَاتُ أَنَّ الْعَرْشَ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ لَهُ فَوْقًا وَتَحْتًا وَهُمَا مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ صِفَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ فِي بَابِ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: اسْتِئْذَانُ الشَّمْسِ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ فِيهَا حَيَاةً يُوجَدُ الْقَوْلُ عِنْدَهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْجَمَادِ وَالْمَوَاتِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِئْذَانُ أُسْنِدَ إِلَيْهَا مَجَازًا، وَالْمُرَادُ مَنْ هُوَ مُوَكَّلٌ بِهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَالَ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ آخِرُ سُورَةِ بَرَاءَةٌ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَنَّ لِلْعَرْشِ رَبًّا، فَهُوَ مَرْبُوبٌ وَكُلُّ مَرْبُوبٍ مَخْلُوقٌ، وَمُوسَى شَيْخُهُ فِيهِ هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِبْرَاهِيمُ شَيْخُ شَيْخِهِ فِي السَّنَدِ الْأَوَّلِ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ الْمُعَلَّقَةُ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَنْ وَصَلَهَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ، وَرِوَايَتُهُ الْمُسْنَدَةُ تَقَدَّمَ سِيَاقُهَا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ، وَسَعِيدٌ فِي سَنَدِهِ هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَأَبُو الْعَالِيَةِ هُوَ الرِّيَاحِيُّ بِكَسْرٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ، وَاسْمُهُ رُفَيْعٌ بِفَاءٍ مُصَغَّرٌ، وَأَمَّا أَبُو الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ فَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ، وَرِوَايَتُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَبْوَابِ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، وَتَقَدَّمَ بِهَذَا السَّنَدِ الَّذِي هُنَا تَامًّا فِي كِتَابِ الْأَشْخَاصِ، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاجِشُونُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ، هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، أَيِ: ابْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي الْأَطْرَافِ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ: إِنَّمَا رَوَى الْمَاجِشُونَ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الْأَعْرَجِ لَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَحَكَمُوا عَلَى الْبُخَارِيِّ بِالْوَهْمِ فِي قَوْلِهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَحَدِيثُ الْأَعْرَجِ الَّذِي أُشِيرَ إِلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ كَمَا قَالُوا، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْفَضَائِلِ وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَلَكِنْ تَحَرَّرَ لِي أَنَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْخَيْنِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ طَرَفًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَظَهَرَ لِي أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: عَنِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الْأَعْرَجِ أَرْجَحُ، وَمِنْ ثَمَّ وَصَلَهَا الْبُخَارِيُّ وَعَلَّقَ الْأُخْرَى، فَإِنْ سَلَكْنَا سَبِيلَ الْجَمْعِ اسْتَغْنَى عَنِ التَّرْجِيحِ، وَإِلَّا فَلَا اسْتِدْرَاكَ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي الْحَالَيْنِ، وَكَذَا لَا تَعَقُّبَ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ مَا يَقُولُ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: قَالَ فُلَانٌ جَازِمًا: فَيَكُونُ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَجْزِمُ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ جَازِمًا بِصِحَّتِهِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُ مَنِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْمِثَالِ، فَقَالَ: جَزَمَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ وَهْمٌ، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute