فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ لِبَعْضِهَا زِيَادَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاحِدَةِ.
الْحَدِيثُ الَأَوَّلُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ، إِسْمَاعِيلُ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَوَاهِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحَقَّ ﷾ فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ، وَقَدْ ذَكَرْتُ مَعْنَى الْعُلُوِّ فِي حَقِّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: (وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ) كَذَا لِلْجَمِيعِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ فِي شَرْحِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ) هُوَ ابْنُ بِلَالٍ الْمَدَنِيُّ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ فَذَكَرَهُ، مِثْلَ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ سَوَاءً، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ وَبَيَّضَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ، فَقَالَ: وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، لَكِنْ خَالَفَ فِي شَيْخِ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الزَّكَاةِ، وَقَدْ ضَاقَ مَخْرَجُهُ عَنِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا فَأَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لِلْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَدَلَّتِ الرِّوَايَةُ الْمُعَلَّقَةُ وَمُوَافَقَةُ الْجَوْزَقِيِّ لَهَا عَلَى أَنَّ لِخَالِدٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ، كَمَا أَنَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ الَّذِي بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ وَرْقَاءُ) يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ)، يُرِيدُ أَنَّ رِوَايَةَ وَرْقَاءَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ إِلَّا فِي شَيْخِ شَيْخِهِمَا، فَعِنْدَ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَعِنْدَ وَرْقَاءَ أَنَّهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ هَذَا فِي السَّنَدِ، وَأَمَّا فِي الْمَتْنِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، إِلَّا فِي قَوْلِهِ: الطَّيِّبَ فَإِنَّهُ فِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ: طَيِّبٍ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، وَقَدْ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ وَرْقَاءَ، فَوَقَعَ عِنْدَهُ الطَّيِّبَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: مِثْلَ أُحُدٍ عِوَضُ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ: مِثْلَ الْجَبَلِ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ: يَتَقَبَّلُهَا، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: يَقْبَلُهَا مُخَفَّفًا بِغَيْرِ مُثَنَّاةٍ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيِّ، وَقَوْلُهُ: يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا وَهِيَ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الزَّكَاةِ أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ وَرْقَاءَ هَذِهِ الْمُعَلَّقَةِ ثُمَّ وَجَدْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ كِتَابَتِي هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْمَتْنِ فِي كِتَابُ الزَّكَاةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذِكْرُ الْيَمِينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ حُسْنُ الْقَبُولِ، فَإِنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ مِنْ ذَوِي الْأَدَبِ بِأَنْ تُصَانَ الْيَمِينُ عَنْ مَسِّ الْأَشْيَاءِ الدَّنِيئَةِ، وَإِنَّمَا تُبَاشَرُ بِهَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ وَمَزِيَّةٌ وَلَيْسَ فِيمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صِفَةِ الْيَدَيْنِ شِمَالٌ؛ لِأَنَّ الشِّمَالَ لِمَحَلِّ
النَّقْصِ فِي الضَّعِيفِ، وَقَدْ رُوِيَ: كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ وَلَيْسَ الْيَدُ عِنْدَنَا الْجَارِحَةُ إِنَّمَا هِيَ صِفَةٌ جَاءَ بِهَا التَّوْقِيفُ فَنَحْنُ نُطْلِقُهَا عَلَى مَا جَاءَتْ وَلَا نُكَيِّفُهَا وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، انْتَهَى. وَقَدْ مَضَى بَعْضُ مَا يُتَعَقَّبُ بِهِ كَلَامُهُ فِي بَابِ قَوْلِهِ ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَهُوَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُوهُ هُوَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، وَابْنُ أَبِي نُعْمٍ هُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالَّذِي وَقَعَ عِنْدَ قَبِيصَةَ - شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ مِنَ الشَّكِّ، هَلْ هُوَ أَبُو نُعْمٍ أَوِ ابْنُ أَبِي نُعْمٍ؟ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ قَبِيصَةُ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ طَرِيقَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَقِبَ رِوَايَةِ قَبِيصَةَ مَعَ نُزُولِهَا وَعُلُوِّ رِوَايَةِ قَبِيصَةَ لِخُلُوِّ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنَ الشَّكِّ، وَقَدْ مَضَى فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ بِالْجَزْمِ، وَمَضَى شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، وَقَوْلُهُ: بُعِثَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute