يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ
٧٤٥٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلاَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ
٧٤٥٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
قَوْلُهُ (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ﴾ ذَكَرَ فِيهِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ.
أَوَّلُهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ وَأَشَارَ بِهِ إِلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّحْمَةَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ لِكَوْنِ الْكَلِمَةِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَمَهْمَا اسْتُشْكِلَ فِي إِطْلَاقِ السَّبْقِ فِي صِفَةِ الرَّحْمَةِ جَاءَ مِثْلُهُ فِي صِفَةِ الْكَلِمَةِ، وَمَهْمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ قَوْلِهِ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا حَصَلَ بِهِ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ سَبَقَتْ رَحْمَتِي وَقَدْ غَفَلَ عَنْ مُرَادِهِ مَنْ قَالَ دَلَّ وَصْفُ الرَّحْمَةِ بِالسَّبْقِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الثَّوَابِ، وَبِالْغَضَبِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الْعُقُوبَةِ؛ فَالسَّبْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ مُتَعَلِّقَيِ الْإِرَادَةِ فَلَا إِشْكَالَ، وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ أَيْ خَلَقَهُمْ، وَكُلُّ صَنْعَةٍ مُحْكَمَةٍ مُتْقَنَةٍ فَهِيَ قَضَاءٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا﴾.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْقَدَرِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَفِيهِ مِنَ الْبَحْثِ مَا تَقَدَّمَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِجَمِيعِ كَلَامِهِ لِقَوْلِهِ: فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْكَلِمَاتِ إِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ التَّخْلِيقِ، وَكَذَا قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَهُوَ إِنَّمَا يَقَعُ بِقَوْلِهِ كُنْ وَهُوَ مِنْ كَلَامِهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ: وَيَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَوْ شَاءَ لَعَذَّبَ أَهْلَ الطَّاعَةِ، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صِفَةِ الْحَكِيمِ أَنْ يَتَبَدَّلَ عِلْمُهُ، وَقَدْ عَلِمَ فِي الْأَزَلِ مَنْ يَرْحَمُ وَمَنْ يُعَذِّبُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُمَا كَلَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَمْ يَحْتَجَّ لَهُمْ، وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الدَّاوُدِيُّ، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَالْآمِرُ إِنَّمَا هُوَ الْمَلَكُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ يَتَلَقَّاهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَالْمُرَادُ لَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ فِي الْأَزَلِ لَوَقَعَ فَلَا يَلْزَمُ مَا قَالَ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نُزُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute