للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ﴾ زَادَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ ﴿أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ وَنَقَصَ ﴿إِذَا أَرَدْنَاهُ﴾ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ عِيَاضٌ: كَذَا وَقَعَ لِجَمِيعِ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ، وَالْقَابِسِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، وَصَوَابُ التِّلَاوَةِ إِنَّمَا قَوْلُنَا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُتَرْجِمَ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ وَسَبَقَ الْقَلَمُ إِلَى هَذِهِ. قُلْتُ: وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ إِنَّمَا قَوْلُنَا عَلَى وَفْقِ التِّلَاوَةِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ ابْنِ التِّينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ إِصْلَاحِ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حَدِيثُ عُبَادَةَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ فَقَالَ اكْتُبْ الْحَدِيثَ قَالَ: وَإِنَّمَا نَطَقَ الْقَلَمُ بِكَلَامِهِ لِقَوْلِهِ ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ قَالَ فَكَلَامُ اللَّهِ سَابِقٌ عَلَى أَوَّلِ خَلْقِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ الْبُوَيْطِيَّ يَقُولُ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُ بِقَوْلِهِ كُنْ فَلَوْ كَانَ كُنْ مَخْلُوقًا لَكَانَ قَدْ خَلَقَ الْخَلْقَ بِمَخْلُوقٍ ولَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ.

الْأَوَّلُ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ وَقَوْلُهُ فِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ وَقَيْسٌ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ وَمِنَ الَّذِي بَعْدَهُ قَوْلُهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُرَادِ بِهِ عِنْدَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُرَادُ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ السَّاعَةُ وَالصَّوَابُ أَمْرُ اللَّهِ بِقِيَامِ السَّاعَةِ فَيَرْجِعُ إِلَى حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ.

وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ: حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ، وَفِيهِ رِوَايَةُ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَتَخْفِيفِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ عَنْ مُعَاذٍ وَهُمْ بِالشَّامِ، وَذَكَرَ مُعَاوِيَةَ عَنْهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِيهِ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ حِذَاهُمْ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ لَيِّنَةٌ، قَالَ: وَلَهَا وَجْهٌ، يَعْنِي مَنْ جَاوَرَهُمْ مِمَّنْ لَا يُوَافِقُهُمْ، قَالَ: وَلَكِنَّ الصَّوَابَ بِفَتْحِ الْخاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِاللَّامِ مِنَ الْخِذْلَانِ، وَابْنُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ نُسِبَ لِجَدِّهِ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شَأْنِ مُسَيْلِمَةَ ذَكَرَ مِنْهُ طَرَفًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي مَعَ شَرْحِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَلَنْ يَعْدُوَ أَمْرُ اللَّهِ فِيكَ، أَيْ مَا قَدَّرَهُ عَلَيْكَ مِنَ الشَّقَاءِ أَوِ السَّعَادَةِ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي سُؤَالِ الْيَهُودِ عَنِ الرُّوحِ، وَقَوْلُهُ ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرُّوحَ قَدِيمَةٌ زَعْمًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ هُنَا الْأَمْرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ وَهُوَ فَاسِدٌ، فَإِنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ لِمَعَانٍ يَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ بِكُلٍّ مِنْهَا مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الطَّلَبِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَأْمُورُ كَمَا يُقَالُ الْخَلْقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَخْلُوقُ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، فَفِي تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ غَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ يَقُولُ هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالرُّوحِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا هَلْ هِيَ الرُّوحُ الَّتِي تَقُومُ بِهَا الْحَيَاةُ أَوِ الرُّوحُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا﴾ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي بِأَنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا يَقَعُ فِي الْعَادَةِ عَمَّا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالْوَحْيِ، وَالرُّوحُ الَّتِي بِهَا الْحَيَاةُ قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، بِخِلَافِ الرُّوحِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ بَلْ هِيَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ بِخِلَافِ الْأُولَى، وَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ لَفْظَ الرُّوحِ عَلَى الْوَحْيِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ وَفِي قَوْلِهِ ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى