الْبُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَسَأَلَهُ بِفَاءٍ وَصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، قَالَ ابْنُ التِّينِ: فِيهِ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَاصَّةِ الْعَالِمِ لِيَسْأَلَهُ، وَفِي قَوْلِهِ فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ قَالَ ابْنُ التِّينِ: فِيهِ اتِّخَاذُ الْقَصْرِ لِمَنْ كَثُرَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَقَوْلُهُ فَوَافَقْنَا كَذَا لَهُمْ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَوَافَقْنَاهُ وَقَوْلُهُ مَاجَ النَّاسُ أَيِ اخْتَلَطُوا، يُقَالُ: مَاجَ الْبَحْرُ أَيِ اضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَإِنَّهُ كَلَّمَ اللَّهَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، وَقَوْلُهُ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَيَقُولُ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ) هُوَ حَجَّاجُ بْنُ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ وَالِدُ عُمَرَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ، سَمَّاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَتَبِعَهُ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ فِي الْكُنَى.
قَوْلُهُ (وَهُوَ جَمِيعُ) أَيْ مُجْتَمِعُ الْعَقْلِ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكِبَرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ تَفَرُّقِ الذِّهْنِ وَحُدُوثُ اخْتِلَاطِ الْحِفْظِ، وَقَوْلُهُ فَحَدَّثْنَاهُ بِسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَحَذْفِ الضَّمِيرِ، وَقَوْلُهُ قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ
فَقُلْنَا قَالَ ابْنُ التِّينِ: قَالَ هُنَا لَسْتُ لَهَا وَفِي غَيْرِهِ لَسْتُ هُنَاكُمْ قَالَ: وَأَسْقُطَ هُنَا ذِكْرَ نُوحٍ وَزَادَ فَأَقُولُ أَنَا لَهَا وَزَادَ فَأَقُولُ أُمَّتِي أُمَّتِي قَالَ الدَّاوُدِيُّ لَا أُرَاهُ مَحْفُوظًا؛ لِأَنَّ الْخَلَائِقَ اجْتَمَعُوا وَاسْتَشْفَعُوا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ هَذِهِ الْأُمَّةُ خَاصَّةً لَمْ تَذْهَبْ إِلَى غَيْرِ نَبِيِّهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْجَمِيعُ وَإِذَا كَانَتِ الشَّفَاعَةُ لَهُمْ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ فَكَيْفَ يَخُصُّهَا بِقَوْلِهِ أُمَّتِي أُمَّتِي، ثُمَّ قَالَ: وَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ مُتَّصِلًا بِآخِرِهِ بَلْ بَقِيَ بَيْنَ طَلَبِهِمُ الشَّفَاعَةَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فَاشْفَعْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أُمُورِ الْقِيَامَةِ.
قُلْتُ: وَقَدْ بَيَّنْتُ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ عِنْدَ شَرْحِ الْحَدِيثِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِأَنَّ مَعْنِي الْكَلَامِ فَيُؤْذَنُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ الْمَوْعُودِ بِهَا فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ، وَقَوْلُهُ وَيُلْهِمُنِي ابْتِدَاءُ كَلَامٍ آخَرَ وَبَيَانٌ لِلشَّفَاعَةِ الْأُخْرَى الْخَاصَّةِ بِأُمَّتِهِ، وَفِي السِّيَاقِ اخْتِصَارٌ وَادَّعَى الْمُهَلَّبُ أَنَّ قَوْلَهُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي مِمَّا زَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَلَى سَائِرِ الرُّوَاةِ كَذَا قَالَ، وَهُوَ اجْتِرَاءٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالظَّنِّ الَّذِي لَا يَسْتَنِدُ إِلَى دَلِيلٍ فَإِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ رَوَاهَا مَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَكَذَا أَبُو الرَّبِيعِ الزُّهْرَانِيُّ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي التَّفْسِيرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ كِلَاهُمَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ شَيْخِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ فِيهِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِيَةِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ وَلَا فِي رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ أَحَدًا اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْمَعْرُوفُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ هُوَ الذُّهْلِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ فَارِسٍ نُسِبَ لِجَدِّ أَبِيهِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْحَاكِمُ وَالْكَلَابَاذِيُّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ، وَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ جَبَلَةَ الرَّافِعِيُّ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، وَخَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ، وَقَدْ رَوَى هُنَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ بِالْوَاسِطَةِ، وَرَوَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ بِلَا وَاسِطَةٍ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا فِي الْمَغَازِي وَالتَّفْسِيرِ وَالْفَرَائِضِ، وَمَنْصُورٌ فِي السَّنَدِ هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ، وَعَبِيدَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ ابْنُ عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَرِجَالُ سَنَدِ هَذَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى كُوفِيُّونَ.
قَوْلُهُ: إِنَّ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ) الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا جِدًّا وَقَدْ مَضَى بِتَمَامِهِ مَشْرُوحًا فِي الرِّقَاقِ، وَقَوْلُهُ كُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ، فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَكُلُّ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ عَشْرَ مِرَارٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute