للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْهِدَايَةَ نَوْعٌ مِنَ التَّبْلِيغِ، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةٍ أُخْرَى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ﴾ هَذِهِ آيَاتُ، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةٍ أُخْرَى: ﴿الآيَاتِ﴾ الْأَعْلَامُ، وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ يُونُسَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ﴾ فَمُرَادُهُ أَنَّهُ نَظِيرُ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ مَوْضِعَ هَذَا، فَلَمَّا سَاغَ اسْتِعْمَالُ مَا هُوَ لِلْبَعِيدِ لِلْقَرِيبِ جَازَ اسْتِعْمَالُ مَا هُوَ لِلْغَائِبِ لِلْحَاضِرِ، وَلَفْظُ مِثْلُهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ، وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَاللَّامِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي كِتَابِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَهُ فِي مُقَدَّمَةِ كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: وَمِنْ مَجَازِ مَا جَاءَتْ مُخَاطَبَتُهُ مُخَاطَبَةَ الشَّاهِدِ ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى مُخَاطَبَةِ الْغَائِبِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ أَيْ بِكُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ (وَقَالَ أَنَسٌ: بَعَثَ النَّبِيُّ خَالَهُ حَرَامًا إِلَى قَوْمٍ وَقَالَ: أَتُؤْمِنُوني حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَإِلَّا كُنْتُمْ قَرِيبًا مِنِّي، فَتَقَدَّمَ فَأَمَّنُوهُ فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَلَفْظُهُ فِي الْمَغَازِي عَنْ أَنَسٍ، فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: وَإِنْ قَتَلُونِي أَتَيْتُمْ أَصْحَابَكُمْ، فَقَالَ: أَتُؤْمِنُوني أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَتَاهُ فَطَعَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ الْحَدِيثَ، وَسِيَاقُهُ فِي الْمَغَازِي أَقْرَبُ إِلَى اللَّفْظِ الْمُعَلَّقِ هُنَا، وَفِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَتَيْتُمْ أَصْحَابَكُمْ، فَأَتَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: أَتُؤْمِنُوني.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ: عَنْ أَبِي زَيْدٍ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: وَكَذَا كَانَ فِي نُسْخَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيِّ إِلَّا أَنَّهُ أَصْلَحَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ، وَقَالَ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ) بِمُهْمَلَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ، وَجُبَيْرٌ هُوَ وَالِدُ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ الرَّاوِي عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْمُغِيرَةُ) هُوَ ابْنُ شُعْبَةَ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ) هَذَا الْقَدْرُ هُوَ الْمَرْفُوعُ مِنَ الْحَدِيثِ، وَقَدْ مَضَى بِطُولِهِ وَشَوَاهِدُهُ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ وَبَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ضَبْطِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَذْكُورِ فِي سَنَدِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا كَتَمَ شَيْئًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَنْ شُعْبَةَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ) أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ فَهُوَ الْفِرْيَابِيُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَأَمَّا سُفْيَانُ فَهُوَ الثَّوْرِيُّ، وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَهُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ الْمَذْكُورِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا مُحَمَّدٌ الْمَذْكُورُ أَوَّلُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَيَكُونُ مَوْصُولًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ فَيَكُونُ مُعَلَّقًا وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الْمِزِّيِّ، وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَقَالَ فِي الْمُسْتَخْرَجِ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ عِنْدَهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَوْ قَالَ لِي مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُ إِذَا وَقَعَ بِصِيغَةِ قَالَ مُجَرَّدَةً أَنْ يَقُولَ أَخْرَجَهُ بِلَا رِوَايَةٍ يَعْنِي صِيغَةً صَرِيحَةً، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ مِثْلَ مَا سَاقَهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ اللَّهَ رَآهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ فَلَا تُصَدِّقْهُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْقَدْرُ مُفْرَدًا فِي بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بِهَذَا السَّنَدِ وَزَادَ: مَنْ