للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا﴾ أَيْ تَبِعَهَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

قَدْ جَعَلْتُ دَلْوِي تَسْتَتْلِينِي

وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ آمَنُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَعَمِلُوا بِمَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ: يُتْلَى: يُقْرَأُ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ يُقْرَأُ عَلَيْهِمْ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ﴾ مَا كُنْتَ تَقْرَأُ كِتَابًا قَبْلَ الْقُرْآنِ.

قَوْلُهُ: حَسَنُ التِّلَاوَةِ: حَسَنُ الْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ) قَالَ الرَّاغِبُ: التِّلَاوَةُ الِاتِّبَاعُ وَهِيَ تَقَعُ بِالْجِسْمِ تَارَةً وَتَارَةً بِالِاقْتِدَاءِ فِي الْحُكْمِ وَتَارَةً بِالْقِرَاءَةِ وَتَدَبُّرُ الْمَعْنَى، وَالتِّلَاوَةُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ تَخْتَصُّ بِاتِّبَاعِ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلَةِ تَارَةً بِالْقِرَاءَةِ وَتَارَةً بِامْتِثَالِ مَا فِيهِ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَكُلُّ قِرَاءَةٍ تِلَاوَةٌ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ.

قَوْلُهُ: ﴿لا يَمَسُّهُ﴾ لَا يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلَّا الْمُوقِنُ) وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي الْمُؤْمِنُ. (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ وَحَاصِلُ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ مَعْنَى لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ لَا يَجِدَ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَيْقَنَ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ فَهُوَ الْمُطَهَّرُ مِنَ الْكُفْرِ، وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلَّا الْمُطَهَّرُ مِنَ الْجَهْلِ وَالشَّكِّ لَا الْغَافِلُ عَنْهُ الَّذِي لَا يَعْمَلُ، فَيَكُونُ كَالْحِمَارِ الَّذِي يَحْمِلُ مَا لَا يَدْرِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَسَمَّى النَّبِيُّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ وَالصَّلَاةَ عَمَلًا) أَمَّا تَسْمِيَتُهُ الْإِسْلَامَ عَمَلًا فَاسْتَنْبَطَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ سُؤَالِ جِبْرِيلَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ لِجِبْرِيلَ حِينَ سَأَلَهُ عَنِ الْإِيمَانِ: تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بِلَفْظِ فَقَالَ: يَا رَسُولُ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: أَنْ تُسْلِمَ وَجْهَكُ لِلَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، الْحَدِيثَ، وَسَاقَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِنَحْوِهِ قَالَ: فَسَمَّى الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ وَالْإِحْسَانَ وَالصَّلَاةَ بِقِرَاءَتِهَا وَمَا فِيهَا مِنْ حَرَكَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِعْلًا انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَسْنَدَهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالثَّانِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْإِيمَانِ عَمَلًا فَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ فِي الْبَابِ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ الْحَدِيثَ، وَقَدْ أَعَادَهُ فِي بَابِ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الصَّلَاةِ عَمَلًا فَهُوَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ لِبِلَالٍ إِلَخْ) تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَشْرُوحًا فِي مَنَاقِبِ بِلَالٍ مِنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، وَدُخُولُهُ فِيهِ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الصَّلَاةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ.

قَوْلُهُ: (وَسُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ الْجِهَادُ ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ) وَهُوَ حَدِيثٌ وَصَلَهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَأَوْرَدَهُ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ إِيمَانٌ لَا شَكَّ فِيهِ الْحَدِيثَ، وَهُوَ أَصْرَحُ فِي مُرَادِهِ لَكِنْ لَيْسَ سَنَدُهُ عَلَى شَرْطِهِ فِي الصَّحِيحِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَيَاءٌ كَيَاءِ النَّسَبِ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالدَّارِمِيِّ، وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ أَيُّ الْأَعْمَالِ خَيْرٌ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ نَحْوُ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِمَعْنَاهُ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَتَصْدِيقٌ بِكِتَابِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ الْإِيمَانَ وَالتَّصْدِيقَ وَالْجِهَادَ وَالْحَجَّ عَمَلًا، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ مُعَاذٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى

اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، قَالَ فَبَيَّنَ أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ