للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالتَّصْدِيقِ بِمُحَمَّدٍ بِمَا يَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ كِتَابِهِمْ، وَلَوْلَا اعْتِقَادُهُمْ جَوَازَ النَّظَرِ فِيهِ لَمَا فَعَلُوهُ وَتَوَارَدُوا عَلَيْهِ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِلتَّحْرِيمِ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْغَضَبِ وَدَعْوَاهُ

أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً مَا غَضِبَ مِنْهُ فَهُوَ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهُ قَدْ يَغْضَبُ مِنْ فِعْلِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْ فِعْلِ مَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى إِذَا صَدَرَ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ مِنْهُ ذَلِكَ، كَغَضَبِهِ مِنْ تَطْوِيلِ مُعَاذٍ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْقِرَاءَةِ، وَقَدْ يَغْضَبُ مِمَّنْ يَقَعُ مِنْهُ تَقْصِيرٌ فِي فَهْمِ الْأَمْرِ الْوَاضِحِ مِثْلَ الَّذِي سَأَلَ عَنْ لُقَطَةِ الْإِبِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ الْغَضَبُ فِيُ الْمَوْعِظَةِ، وَمَضَى فِي كِتَابِ الْأَدَبِ مَا يَجُوزُ مِنَ الْغَضَبِ.

قَوْلُهُ: (يَتَأَوَّلُونَهُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَطَائِفَةٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ﴾ التَّأْوِيلُ التَّفْسِيرُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا آخَرُونَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ: التَّأْوِيلُ رَدُّ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ إِلَى مَا يُطَابِقُ الظَّاهِرَ، وَالتَّفْسِيرُ كَشْفُ الْمُرَادِ عَنِ اللَّفْظِ الْمُشْكِلِ وَحَكَى صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَنَّ التَّأْوِيلَ نَقْلُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ عَنْ وَضْعِهِ الْأَصْلِيِّ إِلَى مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ لَوْلَاهُ مَا تُرِكَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَقِيلَ: التَّأْوِيلُ إِبْدَاءُ احْتِمَالِ لَفْظٍ مُعْتَضِدٍ بِدَلِيلٍ خَارِجٍ عَنْهُ، وَمَثَّلَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ قَالَ: مَنْ قَالَ: لَا شَكَّ فِيهِ فَهُوَ التَّفْسِيرُ، وَمَنْ قَالَ: لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ لَا يَقْبَلُ الشَّكَّ فَهُوَ التَّأْوِيلُ، وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِقَوْلِهِ: يَتَأَوَّلُونَهُ أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ الْمُرَادَ بِضَرْبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ كَمَا لَوْ كَانَتِ الْكَلِمَةُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَكَانَ الْمُرَادُ الْقَرِيبُ فَإِنَّهُمْ يَحْمِلُونَهَا عَلَى الْبَعِيدِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (دِرَاسَتُهُمْ: تِلَاوَتُهُمْ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ قَالَ: حَافِظَةٌ، قِيلَ: النُّكْتَةُ فِي إِفْرَادِ الْأُذُنِ الْإِشَارَةُ بِقِلَّةِ مَنْ يَعِي مِنَ النَّاسِ، وَوَرَدَ فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُذُنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَاصٌّ وَهِيَ أُذُنُ عَلِيٍّ، أَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ مُرْسَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَفِي سَنَدِهِ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ مُرْسَلِ مَكْحُولٍ نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ، وَمَنْ بَلَغَ هَذَا الْقُرْآنُ فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: قَوْلُهُ: وَمَنْ بَلَغَ أَيْ بَلَغَهُ فَحَذَفَ الْهَاءَ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَمَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ قَالَ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَى أَصْحَابِ جَهْمٍ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ فَمَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَكَأَنَّمَا سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ أَبِي) هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ) كَذَا وَقَعَ بِالْعَنْعَنَةِ وَفِي السَّنَدِ الَّذِي بَعْدَهُ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ مِنْ قَتَادَةَ وَأَبِي رَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَكَذَا بِالسَّمَاعِ لِأَبِي رَافِعٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَمَّا خَلَقَ.

قَوْلُهُ: (غَلَبَتْ أَوْ قَالَ سَبَقَتْ) كَذَا بِالشَّكِّ، وَفِي الَّتِي بَعْدَهَا بِالْجَزْمِ سَبَقَتْ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: عِنْدَهُ فِي بَابِ ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ وَعَلَى قَوْلِهِ: فَوْقَ الْعَرْشِ فِي بَابِ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ أَيْضًا وَالْغَرَضُ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ فَوْقَ الْعَرْشِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا وَهُوَ قُومَسِيٌّ نَزَلَ بَغْدَادَ، وَيُقَالُ لَهُ الطَّيَالِسِيُّ، وَكَانَ حَافِظًا مِنْ أَقْرَانِ الْبُخَارِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ الْأَخْذِ بِالْيَدِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَقَدْ نَزَلَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ دَرَجَةً بِالنِّسْبَةِ لِحَدِيثِ مُعْتَمِرٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ عَنْهُ الْكَثِيرَ بِوَاسِطَةِ وَاحِدٍ فَعِنْدَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ وَالدَّعَوَاتِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالصُّلْحِ وَاللِّبَاسِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ أَخْرَجَهَا مُسَدَّدٌ عَنْ مُعْتَمِرٍ، وَدَرَجَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِحَدِيثِ قَتَادَةَ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ الْكَثِيرُ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْهُ بِوَاسِطَةِ وَاحِدٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، وَالْأَنْصَارِيُّ سَمِعَ مِنْ