أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ، قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا الطَّعَامَ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ فَوَقَفَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ.
وَمِنْهَا حَدِيثُ لُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ مَرْفُوعًا إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ. وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي السَّمْحِ نَحْوُهُ بِلَفْظِ يُرَشُّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (بِصَبِيٍّ) يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ابْنُ أُمِّ قَيْسٍ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَوِ الْحُسَيْنَ، فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَتْ: بَالَ الْحَسَنُ - أَوِ الْحُسَيْنُ - عَلَى بَطْنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتَرَكَهُ حَتَّى قَضَى بَوْلَهُ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ. وَلِأَحْمَدَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى نَحْوُهُ. وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ فَجِيءَ بِالْحَسَنِ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ، وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. وَإِنَّمَا رَجَّحْتُ أَنَّهُ غَيْرُهُ ; لِأَنَّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَقِيقَةِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِصَبِيٍّ يُحَنِّكُهُ، وَفِي قِصَّتِهِ أَنَّهُ بَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، وَأَمَّا قِصَّةُ الْحَسَنِ فَفِي حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى، وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ بَالَ عَلَى بَطْنِهِ ﷺ، وَفِي حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ جَاءَ وَهُوَ يَحْبُو وَالنَّبِيُّ ﷺ نَائِمٌ فَصَعِدَ عَلَى بَطْنِهِ وَوَضَعَ ذَكَرَهُ فِي سُرَّتِهِ فَبَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، فَظَهَرَتِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا.
قَوْلُهُ: (فَأَتْبَعَهُ) بِإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ: أَتْبَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْبَوْلَ الَّذِي عَلَى الثَّوْبِ الْمَاءَ يَصُبُّهُ عَلَيْهِ، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ فَأَتْبَعَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ. وَلِابْنِ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ فَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ هِشَامٍ فَنَضَحَهُ عَلَيْهِ.
٢٢٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ.
[الحديث ٢٢٣ - طرفه في ٥٦٩٣]
قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ قَيْسٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اسْمُهَا جُذَامَةُ يَعْنِي بِالْجِيمِ وَالْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: اسْمُهَا آمِنَةُ وَهِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيِّ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيْرُهُ وَغَيْرُ حَدِيثٍ آخَرَ فِي الطِّبِّ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا قِصَّةٌ لِابْنِهَا، وَمَاتَ ابْنُهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ صَغِيرٌ كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ) الْمُرَادُ بِالطَّعَامِ مَا عَدَا اللَّبَنَ الَّذِي يَرْتَضِعُهُ وَالتَّمْرَ الَّذِي يُحَنَّكُ بِهِ وَالْعَطَلَ الَّذِي يَلْعَقُهُ لِلْمُدَاوَاةِ وَغَيْرِهَا، فَكَأنَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الِاغْتِذَاءُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ - تَبَعًا لِأَصْلِهَا - أَنَّهُ لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يَشْرَبْ غَيْرَ اللَّبَنِ، وَقَالَ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَغَيْرَ مَا يُحَنَّكُ بِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ. وَحَمَلَ الْمُوَفَّقُ الْحَمَوِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ قَوْلَهُ لَمْ يَأْكُلْ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِجَعْلِ الطَّعَامِ فِي فِيهِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُوَفَّقُ بْنُ قُدَامَةَ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَوَّتْ بِالطَّعَامِ وَلَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنِ الرَّضَاعِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَتْ بِهِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ لِيُحَنِّكَهُ ﷺ فَيُحْمَلُ النَّفْيُ عَلَى عُمُومِهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْعَقِيقَةِ.
قَوْلُهُ: (فَأَجْلَسَهُ) أَيْ وَضَعَهُ إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ كَانَ لَمَّا وُلِدَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجُلُوسُ حَصَلَ مِنْهُ عَلَى الْعَادَةِ إِنْ قُلْنَا كَانَ فِي سِنِّ مَنْ يَحْبُو كَمَا فِي قِصَّةِ الْحَسَنِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى ثَوْبِهِ) أَيْ ثَوْبِ النَّبِيِّ ﷺ