سَاقَهُ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ الَّتِي أَخْرَجَهُ مِنْهَا الْمُصَنِّفُ، فَذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ ثُمَّ تَأْخُذُ زَادَ ثُمَّ الدَّالَّةَ عَلَى تَرَاخِي تَعْلِيمِ الْأَخْذِ عَنْ تَعْلِيمِ الِاغْتِسَالِ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهَا شَرْحُ كَيْفِيَّةِ الِاغْتِسَالِ الْمَسْكُوتِ عَنْهَا فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ، وَلَفْظُهُ فَقَالَ تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطَّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا - أَيْ أُصُولَهُ - ثُمَّ تَصُبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذَ فِرْصَةً، فَهَذَا مُرَادُ التَّرْجَمَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ وَالدَّلْكِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجِ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الطَّرِيقَ لِكَوْنِهَا مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ صَفِيَّةَ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى شَرْطِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ السَّكَنِ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَقِيلَ إِنَّهُ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ) هِيَ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيِّ، نُسِبَ إِلَيْهَا لِشُهْرَتِهَا، وَاسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ، وَهُوَ مِنْ رَهْطِ زَوْجَتِهِ صَفِيَّةَ، وَشَيْبَةُ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَهَا أَيْضًا، وَقُتِلَ الْحَارِثُ بْنُ طَلْحَةَ بِأُحُدٍ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ رُؤْيَةٌ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالسَّمَاعِ فِي جَمِيعِ السَّنَدِ عِنْدَ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ امْرَأَةً) زَادَ فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَسَمَّاهَا مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرِ أَسْمَاءَ بِنْتَ شَكَلٍ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَافِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ اللَّامِ، وَلَمْ يُسَمِّ أَبَاهَا فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ الْأَنْصَارِيَّةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا خَطِيبَةُ النِّسَاءِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ وَالدِّمْيَاطِيُّ وَزَادَ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ تَصْحِيفٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَنْصَارِ مَنْ يُقَالُ لَهُ شَكَلٌ، وَهُوَ رَدٌّ لِلرِّوَايَةِ الثَّابِتَةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَكَلٌ لَقَبًا لَا اسْمًا، وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَسَانِيدِ وَالْجَوَامِعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، أَوْ أَسْمَاءُ لِغَيْرِ نَسَبٍ كَمَا فِي أَبِي دَاوُدَ، وَكَذَا فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهُ مِنْهَا الْخَطِيبُ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْوَجْهَيْنِ بِغَيْرِ تَرْجِيحٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ: خُذِي) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ هُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهَا أَمَرَهَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ بَيَانًا لِلِاغْتِسَالِ، وَالِاغْتِسَالُ صَبُّ الْمَاءِ لَا أَخْذُ الْفِرْصَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يَكُنْ عَنْ نَفْسِ الِاغْتِسَالِ ; لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، بَلْ كَانَ لِقَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْجَوَابِ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ، وَابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وُقُوفًا مَعَ هَذَا اللَّفْظِ الْوَارِدِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ اخْتَصَرَ أَوْ اقْتَصَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (فِرْصَةٌ) بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ تَثْلِيثَهَا، وَبِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ: قِطْعَةٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ جِلْدَةٍ عَلَيْهَا صُوفٌ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَحَكَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ قَرْصَةٌ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَوَجَّهَهُ الْمُنْذِرِيُّ فَقَالَ: يَعْنِي شَيْئًا يَسِيرًا مِثْلَ الْقَرْصَةِ بِطَرَفِ الْإِصْبَعَيْنِ. انْتَهَى. وَوَهِمَ مَنْ عَزَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِلْبُخَارِيِّ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هِيَ قَرْضَةٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ مَسْكٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُرَادُ قِطْعَةُ جِلْدٍ، وَهِيَ رِوَايَةٌ (١) مَنْ قَالَهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي ضِيقٍ يَمْتَنِعُ مَعَهُ أَنْ يَمْتَهِنُوا الْمِسْكَ مَعَ غَلَاءِ ثَمَنِهِ. وَتَبِعَهُ ابْنُ بَطَّالٍ. وَفِي الْمَشَارِقِ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الْكَسْرَ وَقَالَ: إِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ فِرْصَةٌ مُمَسَّكَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ;
(١) كذافي النسخ ولعله"وهي كرواية"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute