للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى جَوَازَ التَّيَمُّمِ لِلْحَاضِرِ ; لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى سَفَرًا، وَبِهَذَا يُنَاسِبُ التَّرْجَمَةَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يُرَاعِ خُرُوجَ الْوَقْتِ ; لِأَنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَيَمَّمَ لَا عَنْ حَدَثٍ بَلْ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ اسْتِحْبَابًا فَلَعَلَّهُ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ فَأَرَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ كَعَادَتِهِ فَاقْتَصَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَدَلَ الْوُضُوءِ، وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ مُطَابِقًا لِلتَّرْجَمَةِ إِلَّا بِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يُعِدْ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَسْقَطَ الْإِعَادَةَ عَنِ الْمُتَيَمِّمِ فِي الْحَضَرِ ; لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ تَيَمَّمَ فِي الْحَضَرِ، وَوَجَّهَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ لِإِدْرَاكِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَيَلْتَحِقُ بِهِمَا الْحَاضِرُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ قِيَاسًا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِنُدُورِ ذَلِكَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَزُفَرَ: لَا يُصَلِّي إِلَى أَنْ يَجِدَ الْمَاءَ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ، وَنِصْفُ هَذَا الْإِسْنَادِ مِصْرِيُّونَ وَنِصْفُهُ الْأَعْلَى مَدَنِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهِلَالِيُّ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ وَالِدَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ مَوْلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَإِذَا كَانَ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ فَهُوَ مَوْلَى أَوْلَادِهَا. وَرَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي الْجُهَيْمِ وَلَمْ يَذْكُرُوا بَيْنَهُمَا عُمَيْرًا وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، وَرِوَايَةُ الْأَعْرَجِ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ.

قَوْلُهُ: (أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ) هُوَ أَخُو عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ التَّابِعِيِّ الْمَشْهُورِ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ وَهُوَ وَهْمٌ، وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى أَبِي جُهَيْمٍ) قِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَحَكَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: يُقَالُ هُوَ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، فَعَلَى هَذَا لَفْظَةُ ابْنٍ زَائِدَةٌ بَيْنَ أَبِي جُهَيْمٍ، وَالْحَارِثِ، لَكِنْ صَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ الْحَارِثَ اسْمُ أَبِيهِ لَا اسْمُهُ، وَفَرَّقَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُهَيْمٍ يُكَنَّى أَيْضًا أَبَا جُهَيْمٍ، وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ فَجَعَلَ الْحَارِثَ اسْمَ جَدِّهِ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الْأَقْوَالَ الْمُخْتَلِفَةَ فِيهِ. وَالصِّمَّةُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ هُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ عَتِيكٍ الْخَزْرَجِيُّ، وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الْجَهْمِ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ بِالتَّصْغِيرِ، وَفِي الصَّحَابَةِ شَخْصٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْجَهْمِ وَهُوَ صَاحِبُ الْإِنْبِجَانِيَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ هَذَا ; لِأَنَّهُ قُرَشِيٌّ وَهَذَا أَنْصَارِيٌّ، وَيُقَالُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَبِإِثْبَاتِهِمَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِذَاكَ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ، وَفِي النَّسَائِيِّ بِئْرُ الْجَمَلِ وَهُوَ مِنَ الْعَقِيقِ.

قَوْلُهُ: (فَلَقِيَهُ رَجُلٌ) هُوَ أَبُو الْجُهَيْمِ الرَّاوِي، بَيَّنَهُ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنِ الْأَعْرَجِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ) وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَعْرَجِ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْجِدَارِ وَزَادَ الشَّافِعِيُّ فَحَتَّهُ بِعَصًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجِدَارَ كَانَ مُبَاحًا، أَوْ مَمْلُوكًا لِإِنْسَانٍ يَعْرِفُ رِضَاهُ.

قَوْلُهُ: (فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ) وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ وكَذَا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، لَكِنْ خَطَّأَ الْحُفَّاظُ رِوَايَتَهُ فِي رَفْعِهِ وَصَوَّبُوا وَقْفَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَالِكًا أَخْرَجَهُ مَوْقُوفًا بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالثَّابِتُ فِي حَدِيثِ أَبِي جُهَيْمٍ أَيْضًا بِلَفْظِ يَدَيْهِ لَا ذِرَاعَيْهِ فَإِنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ مَعَ مَا فِي