وَهِيَ ابْنةُ عَمِّهِ، أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُرَادَةَ. لَكِنْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الدَّلَائِلِ لِأَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ نَقْلًا عَنْ جَعْفَرٍ المُسْتَغْفِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فِي أَسْمَاءِ النِّسَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ عُلَاثَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ، ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: وَفِيهِ أَرْسَلَ إِلَى عُلَاثَةَ امْرَأَةً قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ، فَقَدْ قَالَ أَبُو مُوسَى: صَحَّفَ فِيهِ جَعْفَرٌ أَوْ شَيْخُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ فُلَانَةُ، انْتَهَى.
وَوَقَعَ عِنْدَ الْكِرْمَانِيِّ قِيلَ: اسْمُهَا عَائِشَةُ، وَأَظُنُّهُ صَحَّفَ الْمُصْحَفَ، وَلَوْ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى. ثُمَّ وَجَدْتُ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَيَخْطُبُ إِلَيْهَا وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهَا، فَأَمَرَتْ عَائِشَةُ فَصَنَعَتْ لَهُ مِنْبَرَهُ هَذَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَلَوْ صَحَّ لَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ هِيَ الْمُرَادَةُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ هَذَا إِلَّا بِتَعَسُّفٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْغَرَضُ مِنْ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَفِيهِ جَوَازُ اخْتِلَافِ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْعُلْوِّ وَالسُّفْلِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ بَحْثٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِارْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّعْلِيمِ لَمْ يَسْتَقِمْ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَلِانْفِرَادِ الْأَصْلِ بِوَصْفٍ مُعْتَبَرٍ تَقْتَضِي الْمُنَاسَبَةُ اعْتِبَارَهُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: فَقُلْتُ) أَيْ قَالَ عَلِيٌّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا) صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وَقَدْ رَاجَعْتُ مُسْنَدَهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ أَخْرَجَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَ سَهْلٍ: كَانَ الْمِنْبَرُ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ فَقَطْ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي قَوْلِهِ: فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا جَمِيعُ الْحَدِيثِ لَا بَعْضُهُ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا وَهُوَ صَلَاتُهُ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ، فَلِذَلِكَ سَأَلَ عَنْهُ عَلِيًّا، وَلَهُ عِنْدَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخَشَبِ، وَكَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ وَعَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ لَبِنَةً لِيَسْجُدَ عَلَيْهَا إِذَا رَكِبَ السَّفِينَةَ، وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ نَحْوُهُ. وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
٣٧٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَجُحِشَتْ سَاقُهُ - أَوْ كَتِفُهُ - وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، وَهُمْ قِيَامٌ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا.
وَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا، فَقَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ.
[الحديث ٣٧٨ - أطرافه في: ٦٦٨٤، ٥٢٨٩، ٥٢٠١، ٢٤٦٩، ١٩١١، ١١١٤، ٨٠٥، ٧٣٣، ٧٣٢، ٦٨٩]
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ) هُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ.
قَوْلُهُ: (فَجُحِشَتْ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ، وَالْجَحْشُ الْخَدْشُ أَوْ أَشَدُّ مِنْهُ قَلِيلًا.
قَوْلُهُ: (سَاقَهُ أَوْ كَتِفَهُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ