أَوْ قَبْلَهُ اجْتَمَعَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَدَخَلُوا مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَجْلِسْ حِينَ دَخَلَ)، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ حَتَّى دَخَلَ قَالَ عِيَاضٌ: زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا غَلَطٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الْمَعْنَى فَلَمْ يَجْلِسْ فِي الدَّارِ وَلَا غَيْرِهَا حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ مُبَادِرًا إِلَى مَا جَاءَ بِسَبَبِهِ. وَفِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا عِنْدَ الطَّيَالِسِيِّ: فَلَمَّا دَخَلَ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهِيَ أَبْيَنُ فِي الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ إِنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي بَيْتِ مُلَيْكَةَ حَيْثُ جَلَسَ فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ دُعِيَ إِلَى الطَّعَامِ فَبَدَأَ بِهِ، وَهُنَا دُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَبَدَأَ بِهَا.
قَوْلُهُ: (أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَالْجُمْهُورِ مِنْ رُوَاةِ الزُّهْرِيِّ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ فِي بَيْتِكَ.
قَوْلُهُ: (وَحَبَسْنَاهُ) أَيْ مَنَعْنَاهُ مِنَ الرُّجُوعِ.
قَوْلُهُ: (خَزِيرَةٌ) بِخَاءِ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا زَايٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ رَاءٌ ثُمَّ هَاءٌ نَوْعٌ مِنَ الْأَطْعِمَةِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: تُصْنَعُ مِنْ لَحْمٍ يُقَطَّعُ صِغَارًا ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ فَإِذَا نَضِجَ ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَحْمٌ فَهُوَ عَصِيدَةٌ. وَكَذَا ذَكَرَ يَعْقُوبُ نَحْوَهُ وَزَادَ: مِنْ لَحْمٍ بَاتَ لَيْلَةً قَالَ: وَقِيلَ هِيَ حَسَاءٌ مِنْ دَقِيقٍ فِيهِ دَسَمٌ، وَحَكَى فِي الْجَمْهَرَةِ نَحْوَهُ، وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ أَنَّ الْخَزِيرَةَ مِنَ النُّخَالَةِ، وَكَذَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، قَالَ عِيَاضٌ: الْمُرَادُ بِالنُّخَالَةِ دَقِيقٌ لَمْ يُغَرْبَلْ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَلَى جَشِيشَةٍ بِجِيمٍ وَمُعْجَمَتَيْنِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هِيَ أَنْ تُطْحَنَ الْحِنْطَةُ قَلِيلًا ثُمَّ يُلْقَى فِيهَا شَحْمٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَفِي الْمَطَالِعِ: أَنَّهَا رُوِيَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِحَاءٍ وَرَاءَيْنِ مُهْمَلَاتٍ. وَحَكَى الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ عَنِ النَّضْرِ أَيْضًا أَنَّهَا - أَيِ الَّتِي بِمُهْمَلَاتٍ - تُصْنَعُ مِنَ اللَّبَنِ.
قَوْلُهُ: (فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ) بِمُثَلَّثَةٍ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ، أَيِ اجْتَمَعُوا بَعْدَ أَنْ تَفَرَّقُوا. قَالَ الْخَلِيلُ: الْمَثَابَةُ مُجْتَمَعُ النَّاسِ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمْ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَيْتِ مَثَابَةٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: يُقَالُ: ثَابَ إِذَا رَجَعَ وَثَابَ إِذَا أَقْبَلَ.
قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِ الدَّارِ) أَيِ الْمَحَلَّةِ، كَقَوْلِهِ: خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ أَيْ مَحَلَّتُهُمْ، وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ) لَمْ يُسَمَّ هَذَا الْمُبْتَدِئُ.
قَوْلُهُ: (مَالِكُ بْنُ الدُّخَيْشِنِ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ نُونٌ
قَوْلُهُ: (أَوِ ابْنُ الدُّخْشُنِ) بِضَمِّ الدَّالِ وَالشِّينِ وَسُكُونِ الْخَاءِ بَيْنَهُمَا وَحُكِيَ كَسْرُ أَوَّلِهِ، وَالشَّكُّ فِيهِ مِنَ الرَّاوِي هَلْ هُوَ مُصَغَّرٌ أَوْ مُكَبَّرٌ. وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي هُنَا فِي الثَّانِيَةِ بِالْمِيمِ بَدَلَ النُّونِ، وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُحَارَبِينَ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ الدُّخْشُنِ بِالنُّونِ مُكَبَّرًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ بِالشَّكِّ، وَنَقَلَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّ الصَّوَابَ الدُّخْشُمُ بِالْمِيمِ وَهِيَ رِوَايَةُ الطَّيَالِسِيِّ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عِتْبَانَ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ) قِيلَ: هُوَ عِتْبَانُ رَاوِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: الرَّجُلُ الَّذِي سَارَّ النَّبِيَّ ﷺ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ هُوَ عِتْبَانُ، وَالْمُنَافِقُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ هُوَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ. ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ عِتْبَانَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ الَّذِي سَارَّهُ هُوَ عِتْبَانُ. وَأَغْرَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَنَقَلَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الَّذِي قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَلِكَ مُنَافِقٌ هُوَ عِتْبَانُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَخْتَلِفْ فِي شُهُودِ مَالِكٍ بَدْرًا وَهُوَ الَّذِي أَسَرَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ: أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. قُلْتُ: وَفِي الْمَغَازِي لِابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ مَالِكًا هَذَا وَمَعْنَ بْنَ عَدِيٍّ فَحَرَّقَا مَسْجِدَ الضِّرَارِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّا اتُّهِمَ بِهِ مِنَ النِّفَاقِ، أَوْ كَانَ قَدْ أَقْلَعَ عَنْ ذَلِكَ، أَوِ النِّفَاقُ الَّذِي اتُّهِمَ بِهِ لَيْسَ نِفَاقَ الْكُفْرِ إِنَّمَا أَنْكَرَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ تَوَدُّدَهُ لِلْمُنَافِقِينَ،