للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُحَدِّثُ أَبَاهُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: هُوَ صَاحِبُ الْأَذَانِ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ لِأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ مَازِنُ الْأَنْصَارِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ) تَرْجَمَ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهُ، ثُمَّ تَرْجَمَ بَعْدَ ذَلِكَ لِكَيْفِيَّتِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) أَيِ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورِ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عَبَّادٍ أَبُوهُمَا: أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو، كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَابًا.

قَوْلُهُ: (اسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ) ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ طُولَ رِدَائِهِ كَانَ سِتَّةَ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَطُولَ إِزَارِهِ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرَيْنِ فِي ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ، كَانَ يَلْبَسُهُمَا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ. وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ بَزِيزَةَ ذَرْعَ الرِّدَاءِ كَالَّذِي ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ فِي ذرْعِ الْإِزَارِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: تُرْجِمَ بِلَفْظِ التَّحْوِيلِ، وَالَّذِي وَقَعَ فِي الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ سَاقَهُمَا لَفْظُ الْقَلْبِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. انْتَهَى.

وَلَمْ تَتَّفِقِ الرُّوَاةُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ عَلَى لَفْظِ الْقَلْبِ، فَإِنَّ رِوَايَةَ أَبِي ذَرٍّ حَوَّلَ وَكَذَا هُوَ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ بِالْمُصَلَّى فِي زِيَادَةِ سُفْيَانَ، عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَفْظُهُ: قَلَبَ رِدَاءَهُ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ وَزَادَ فِيهِ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: وَالشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَالْمَسْعُودِيُّ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ زِيَادَتَهُ اسْتِطْرَادًا، وَسَيَأْتِي بَيَانُ كَوْنِ زِيَادَتِهِ مَوْصُولَةً أَوْ مُعَلَّقَةً فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَهُ شَاهِدٌ أَخَرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادٍ بِلَفْظِ: فَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، وَعِطَافَهُ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّادٍ اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلُهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ وَقَدِ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ فِعْلَ مَا هَمَّ بِهِ مِنْ تَنْكِيسِ الرِّدَاءِ مَعَ التَّحْوِيلِ الْمَوْصُوفِ، وَزَعَمَ الْقُرْطُبِيُّ كَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَارَ فِي الْجَدِيدِ تَنْكِيسَ الرِّدَاءِ لَا تَحْوِيلَهُ، وَالَّذِي فِي الْأُمِّ مَا ذَكَرْتُهُ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّحْوِيلِ فَقَطْ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِي اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ أَحْوَطُ (١) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُسْتَحَبُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَاسْتَحَبَّ الْجُمْهُورُ أَيْضًا أَنْ يُحَوِّلَ النَّاسُ بِتَحْوِيلِ الْإِمَامِ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبَّادٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ: وَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ، وَأَبُو يُوسُفَ: يُحَوِّلُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ. وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ النِّسَاءَ فَقَالَ: لَا يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِنَّ. ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: فَقَلَبَ رِدَاءَهُ أَنَّ التَّحْوِيلَ وَقَعَ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الْمَعْنَى: فَقَلَبَ رِدَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ. وَقَدْ بَيَّنَهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَفْظُهُ: حَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ.

وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: وَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَأَصْلُهُ لِلْمُصَنِّفِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادٍ: فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِمًا، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ وَحَوَّلَ


(١) ليس الأمر كما قاله الشارح، بل الأولى والأحوط هو التحويل يجعل ما على الأيسر وعكسه، لأن الحديث بذلك اصح أصرح، ولأن فعله أيسر وأسهل. والله أعلم